مقاطعة جيانغشي: نموذج صيني رائد في تحويل التراث الثقافي والطبيعي إلى محركات للازدهار والاستقرار

تشهد الصين كتابة فصل جديد من فصول النجاح التنموي، يتمثل في استراتيجية مبتكرة تدمج بين عمق التراث الثقافي وثراء الموارد الطبيعية، محققة معادلة مثلى بين الحفاظ على الهوية وخلق فرص اقتصادية مستدامة

وتبرز مقاطعة جيانغشي كأنموذج في هذا المجال، حيث تحولت بمواردها الثقافية والطبيعية إلى قوة اقتصادية دافعة، تضمن استقرار وازدهار سكانها

وقد ركزت هذه المقاطعة على تحويل العادات والتقاليد إلى ركيزة للتنمية السياحية ضمن رؤية تقوم على ترسيخ الإرث الثقافي وتحويله من مجرد ذاكرة إلى ركن محوري في صناعة سياحية نابضة بالحياة،وفي قلب هذه الرؤية تقف مقاطعة جيانغشي شاهدا حيا على هذا النمط المبتكر

في هذه المقاطعة ، تبرز مدينة "جينغدتشن"، العاصمة العالمية للخزف، حيث تنبض ورشاتها بأكبر ابتكارات تصميم لأفخم أنواع الخزف التي تبهر العالم، وعلى مقربة منها، تتجلى روعة السياحة الريفية في قرية "هوانغ لينغ" بمحافظة "وويوان"، التي تجذب الملايين سنوياً إلى مناظرها الخلابة المعلقة على قمم الجبال

منطقة تاويانغ لي: إعادة إحياء الماضي لصناعة مستقبل مزدهر

في مركز جينغدتشن، توجد منطقة تاويانغ لي التاريخية والثقافية، التي التزمت بمبدأ "الحفاظ وترميم القديم كما الاصل ،ولم تتحول إلى مجرد متحف مفتوح، بل أصبحت حية نابضة بالصناعات الثقافية والسياحية، حيث تم اختيارها ضمن أولى النماذج الصينية لتجديد المدن، مما حول الأحياء القديمة إلى مصدر دخل حيوي للسكان

ويحمل متحف" الفرن الإمبراطوري في "جينغدتشن" شعلة هذا الإرث، ليس فقط بعرضه تاريخ الخزف، بل من خلال احتوائه على أول "بنك جينات للخزف القديم في العالم"، مما يجعله مركزا عالميا للبحث والابتكار في هذا المجال

ثروة طبيعية وإرث ثقافي: رأس مال لا ينضب
ثروة طبيعية وإرث ثقافي: رأس مال لا ينضبليست "جيانغشي" مهدا للخزف فحسب، بل هي أيضا مهد الثورة الصينية وإحدى أهم منابع الحركة العمالية، وفيها ازدهرت منذ القدم زراعة الأرز في العالم، وهي تتميز بمجال طبيعي خلاب يتسم بنسبة غطاء غابي تتجاوز 63 بالمائة، مما يجعلها من أكثر مقاطعات الصين خضرة. كما تضم محمية طبيعية عالمية ،إذ تحتضن بحيرة "بويانغ"، وهي أكبر بحيرة عذبة والتي تعد موطنا شتويا لـ 98 بالمائة من طيور الكركي الأبيض في العالم

تعرف مقاطعة جيانغشي بـ "عاصمة النحاس في الصين" و"مملكة العناصر النادرة"، وقد ساهمت هذه المقومات الفريدة مجتمعة لتحظى باهتمام ورعاية رسمية، ضمن رؤية متكاملة حوّلت المنازل القديمة في الأرياف والجبال التي كانت قبل أربعة عقود مناطق نائية إلى أكبر وجهات الجذب للسياحة الريفية في العالم، مما حفظ استقرار السكان وأعاد بناء مدنهم

 ثمار التنمية: اقتصاد مزدهر ومستقبل واعد

لم تكن هذه الاستثمارات في الثقافة والطبيعة مجرد مشاريع رمزية، بل أثمرت نموا اقتصاديا ملموسا ومستقرا،وتعكف جيانغشي الآن على تطوير صناعات رائدة مثل الطيران، وتكنولوجيا المعلومات الإلكترونية، والطاقة الجديدة، مما يعزز من قوتها الشاملة ،وقدرتها التنافسية بشكل مستمر

وتتجسد تجربة مقاطعة "جيانغشي"في نجاح النموذج الصيني في تحقيق التوازن بين "التنمية والارث الثقافي والطبيعي" وتبرز تحويل الإرث الثقافي والثروة الطبيعية من مجرد إرث إلى استثمار حقيقي يدر الدخل، ويحفظ استقرار المجتمعات، ويبني مستقبلا أكثر ازدهارا، وهو ما يجعلها وجهة سياحية عالمية
 

شارك:

إشترك الأن

الاذاعة الوطنية
 Radio RTCI
سفراء النجوم
 إذاعة الزيتونة
فنون AGORA
بين ثنايا الذاكرة
أحكيلي
قصائدهم و أصواتنا
الإذاعة الثقافية

الإذاعة الثقافية

ON AIR
الاذاعة الوطنية
 Radio RTCI
سفراء النجوم
 إذاعة الزيتونة
فنون AGORA
بين ثنايا الذاكرة
أحكيلي
قصائدهم و أصواتنا