انطلاق أشغال الندوة العلمية الدولية حول "الترجمة وبناء الطفولة" بمدينة الثقافة بتونس

 انطلقت صباح اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر بمدينة الثقافة أشغال الندوة العلمية الدولية "الترجمة وبناء الطفولة" التي ينظمها معهد تونس للترجمة، وذلك احتفاء باليوم العالمي للترجمة الموافق للثلاثين من سبتمبر من كل سنة. وتتواصل فعاليات هذه الندوة على مدى يومي30 سبتمبر و1 أكتوبر 2025.
وتجمع هذه الندوة نخبة من الباحثين الجامعيين والخبراء في مجالات الترجمة وأدب الطفل والتربية من تونس وعدة بلدان عربية وأجنبية من بينها تونس والجزائر والأردن وسوريا وإيطاليا وإنقلترا وروسيا وكوريا واليابان.

افتتح أشغال الندوة مدير عام معهد تونس للترجمة الأستاذ توفيق قريرة بكلمة أبرز فيها دور الترجمة في تشكيل وعي الطفل وبناء شخصيته، مؤكدا أن الطفل ينشأ في عالم متعدد اللغات والثقافات وأن للترجمة دورا محوريا في مساعدته على فهم السياقات المختلفة التي يعيشها سواء بلغته الأم أو عبر اللغات الأخرى التي ينغمس فيها اختيارا أو اضطرارا خاصة في ظل الانفتاح الواسع على العوالم الرقمية والافتراضية.
وقال إن الترجمة وسيلة لتبادل المعارف بين الشعوب لكنها أيضا رافعة أساسية في تكوين شخصية الطفل وصقل مهاراته المعرفية واللغوية والثقافية. وأوضح أن الطفل يبني معارفه منذ سنواته الأولى بلغته الأم، لكنه في الوقت ذاته يتأثر بلغات أخرى ينخرط فيها اختيارا عبر التعلم أو اضطرارا عبر وسائط الحياة اليومية خاصة مع الانغماس الكبير في العالم الرقمي والافتراضي.

وبيّن قريرة أن الانغماس اللغوي لم يعد موجودا فقط في البيئات التعليمية التقليدية وإنما صار يحدث عبر الشاشات المتاحة للأطفال في الهواتف الذكية والحواسيب والألعاب الإلكترونية، وهو ما يفرض مقاربة جديدة تجعل من الترجمة وسيلة لتوجيه هذا الانغماس نحو بناء شخصية متوازنة قادرة على التفاعل مع الثقافات المختلفة دون أن تفقد ارتباطها بجذورها المحلية والوطنية.

وأضاف أن الترجمة بما تحمله من قدرة على الوساطة بين العوالم، تساعد الطفل على فهم السياقات المتنوعة التي يجد نفسه فيها وتمنحه أدوات للتأقلم والإبداع والانفتاح. وأكد أن الترجمة تظل في بعدها التربوي عملا أخلاقيا وإنسانيا قبل أن تكون مجرد تقنية لغوية، لأنها تفتح أمام الطفل أفقا كونيا يوازن بين الانتماء المحلي والانفتاح العالمي.

وعقب الكلمة الافتتاحية، قدم الأستاذ الطاهر بن قيزة، أستاذ تاريخ الفلسفة الحديثة والابستيمولوجيا بجامعة تونس، محاضرة بعنوان "في ترجمة النصوص الفلسفية الكلاسيكية"، تناول خلالها التحديات التي تطرحها ترجمة النصوص الفلسفية الكبرى، مستشهدا بتجربة ترجمة نصوص الفيلسوف الألماني "لايبنتز" الذي تميز إنتاجه الفكري بتعدد أبعاده المعرفية من منطق ورياضيات وفلسفة وعلوم طبيعية.
وأوضح بن قيزة أن ترجمة مثل هذه النصوص لا تقتصر على نقل الكلمات من لغة إلى أخرى، فهي تتطلب أيضا معرفة دقيقة بسياقاتها التاريخية والفكرية والعلمية، إذ أن "لايبنتز" مثلا كتب بالفرنسية واللاتينية والألمانية وترك أكثر من مائتي ألف صفحة مخطوطة لا يزال جانب كبير منها قيد التحقيق والنشر. وأكد أن المترجم الذي يقتحم عالم نصوص بهذا العمق يحتاج إلى تكوين متين في الفلسفة والرياضيات والمنطق والعلوم الطبيعية حتى يتمكن من إعادة صياغة أفكاره بلغة أخرى دون أن يفقدها دقتها وثراءها.
وأشار إلى أن الترجمة في هذا المستوى هي فعل تأويلي وتجديدي يتيح للأمم التي تتلقى هذه النصوص أن تنخرط في النقاش الفلسفي الكوني وأن تسهم في تطويره من زاويتها الخاصة. وأضاف أن العالم العربي بحاجة إلى تكثيف الجهود في ترجمة النصوص الفلسفية الكلاسيكية والحديثة ليس بوصفها نصوصا نظرية جامدة وإنما باعتبارها جزءا من تكوين الفكر النقدي للأجيال القادمة.

وتتواصل الجلسات العلمية لهذه الندوة التي تهدف إلى إبراز دور الترجمة كأداة لبناء الطفولة على أسس معرفية وإنسانية، وتعزيز النقاش الأكاديمي حول موقع الترجمة في التربية والثقافة، وخاصة في مجال أدب الطفل. كما ترمي الندوة من خلال مختلف الجلسات والمداخلات إلى فتح أفق للتعاون بين المترجمين والباحثين العرب والأجانب لتطوير مشاريع عملية تخدم الطفل والناشئة في مواجهة تحديات عصر العولمة.

شارك:

إشترك الأن

من ذاكرة الجامعة التونسية
PROGRAMME ALLEMAND
Podium
اتجمعوا العشاق
 إذاعة الزيتونة
ymasikom
أغاني و أجيال
كلثوميات
إذاعة القصرين
اتجمعوا العشاق

اتجمعوا العشاق

20:00 - 21:00

ON AIR
من ذاكرة الجامعة التونسية
PROGRAMME ALLEMAND
Podium
اتجمعوا العشاق
 إذاعة الزيتونة
ymasikom
أغاني و أجيال
كلثوميات
إذاعة القصرين