"سهرة قائدي الأوركسترا" في مهرجان الحمامات الدولي... نوتات متوسطية تُعيد توزيع الذاكرة الموسيقية على أوتار التنوع الثقافي

 واكب الجمهور سهرة نخبة من قائدي الأوركسترا، وحضر للاستماع والترحال بشغف مع تجربة موسيقية فريدة، تنوّعت فيها المرجعيات واختلطت أنماطها الموسيقية. وهو عرض من إنتاج مسرح أوبرا تونس وتنفيذ الأوركستر السمفوني التونسي.وذلك  في ثاني عروض الدورة التاسعة والخمسين من مهرجان الحمامات الدولي (11 جويلية - 13 أوت 2025).

قاد الحفل خمسة من أبرز قادة الأوركسترا من تونس والجزائر وإيطاليا، فقدّم كلّ منهم رؤيته الخاصة في قيادة الأوركستر، ضمن توليفة موسيقية امتزجت فيها الألوان السيمفونية العالمية بروح التراث المغاربي وثراء التعبيرات المتوسطية.

افتُتحت السهرة بأنامل المايسترو التونسي شادي القرفي، الذي قاد الأوركستر السمفوني التونسي في واحدة من أكثر اللحظات إبداعا، بمرافقة صوت الفنان محمد علي شبيل الذي صدح بعذوبة صوته مؤديا أغنيته الخاصة "أنا نموت عليك".

ثم تولّى المايسترو محمد مقني قيادة الأوركستر، وقدّم مقطوعة بعنوان Prélude (التوطئة)، نسج خلالها خيوطا موسيقية تربط بين روسيا وإسبانيا ومصر، قبل أن ينتقل إلى أعمال أخرى مثل Boîte magique (العلبة السحرية) و Rigolade (ضحك) التي أدتها الجوقة بآلاتها الوترية والإيقاعية والنفخية، بأسلوب سردي موسيقي متدرج أثار إعجاب الجمهور الذي لم يتردّد في التصفيق بحرارة بعد كل وصلة.

أما المايسترو محمد الرواتبي، فاختار أن يستحضر شيئا من الذاكرة الغنائية التونسية، بمرافقة الفنانة منجية الصفاقسي التي قدّمت أغنيتين من رصيد المدونة التراثية هما "خلي يقولو اش يهم" للفنانة عليّة، و"يلي سحروني عينيك" للهادي الجويني، في توزيع أوركسترالي معاصر أضفى على الأغنيتين طابعا جديدا دون أن تفقدهما أصالتهما.

وقاد المايسترو الجزائري لطفي السعيدي الجزء المغاربي من السهرة، حيث قدّم وصلات موسيقية جمعت بين "لونغا نهاواند" و"شهلة لعياني" لعبد القادر شعاو و"جرجورا"، وصولا إلى الأغنية الشهيرة "يا رايح" لرشيد طه كلمات وألحان دحمان الحراشي، وهي أغنية كانت من أكثر اللحظات تفاعلا حيث تعالت التصفيقات مع عودة نغمة مألوفة في الوجدان المغاربي.

واعتلى المايسترو الإيطالي "أندريا تارنتينو" الركح لقيادة الأوركستر في رحلة نحو الأوبرا والأنغام الإيطالية الساحرة، ورافقته السوبرانو "غوار فارادجيان" (Faradzhian Goar) التي أبهرت الجمهور بصوتها القوي في أداء مختارات من الريبرتوار الإيطالي مثل "O sole mio" و"Parla più piano" و"Con te partir?" و"Funicul? funiculà"، فحوّلت المسرح إلى فضاء نابوليتاني حالم.

ومع نهاية الحفل، عاد المايسترو شادي القرفي مجددا، حيث قاد الأوركستر في أداء "مالوف فانك" بتوزيع جديد مزج فيه المالوف التونسي مع الإيقاع الفانكي، مقدّما بذلك قراءة موسيقية جديدة لتراث راسخ. وقد رافقه مجددا الفنان محمد علي شبيل الذي أدى مجموعة من الأغاني التونسية مثل "لا نمثلك بالشمس ولا بالقمرة" كلمات مصطفى الشرفي وألحان قدور الصرارفي، و"كي يضيق بيك الدهر" للصادق ثريا و"عودتني عالود" لثريا عبيد، وهي من كلمات حبيب محنوش وألحان عبد الكريم صحابو، إلى جانب "ليلة لو باقي ليلة" للموسيقار السعودي عبد الرب إدريس.

وفي الندوة الصحفية التي تلت العرض، قال المايسترو شادي القرفي إن فكرة "سهرة قائدي الأوركسترا" انطلقت من وزارة الشؤون الثقافية ومسرح أوبرا تونس، لتقديم عرض يبرز التعدد الموسيقي في الفضاء المغاربي والمتوسطي قائلا "أردنا تقديم الموسيقى التونسية جنبا إلى جنب مع الإيطالية والمغاربية في رؤية أوركسترالية حيّة".

من جانبه، تحدث المايسترو الجزائري لطفي السعيدي عن حضوره في العرض، فبين أن التعاون مع شادي القرفي بدأ منذ مشاركته في الجزائر في عرض للأوركستر السمفوني التونسي. وأفاد بأن هذه السهرة تعتبر تجربة خاصة جدا، مشيدا بالجمهور التونسي الذي قال إنه "كان رائعا وتفاعل باحترام وتقدير وكان تجاوبه ممتازا".

أما أكد الفنان محمد علي شبيل، فقد أكد أن الغناء مع الأوركستر السمفوني مختلف تماما مقارنة مع الفرقة الموسيقية العادية، لأنه يتطلب تركيزا عاليا وانسجاما لحظيا مع المايسترو والموسيقيين. واعتبر أن الغناء باللهجة التونسية مع توزيع أوركسترالي يمنح الأغنية بعدا جديدا و"يمنحني كمغنّ فرصة للغوص أعمق في الإحساس".

ويتجدّد الموعد في سهرة الليلة 13 جويلية مع الإيقاعات الموسيقية للقناوة، بإمضاء الفنانة المغربية هند النعيرة، والموسيقى الشعبية الجزائرية بتوزيع معاصر مع الفنانة الجزائرية جازية ساطور.
 

شارك:

سبر أراء

ما هي أنواع البرامج التي تفضلونها أكثر؟

عدد الأصوات : 232

إشترك الأن

ليالي تونس
حكاية غرام
صيف الإذاعة
سهرة رياضية
ربط مع إذاعة قفصة
الإذاعة الثقافية

الإذاعة الثقافية

ON AIR
ليالي تونس
حكاية غرام
صيف الإذاعة
سهرة رياضية
ربط مع إذاعة قفصة