خارج أسوار معرض تونس الدولي للكتاب: الحياة الشعبية في الكرم تُكمل المشهد الثقافي

بينما يواصل قصر المعارض بالكرم احتضان فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب في دورته التاسعة والثلاثين، حيث تُعرض الكتب وتُناقش الأفكار، ينبض محيط المعرض بحياة أخرى تُعبّر عن الواقع اليومي للحي. هنا، تتقاطع الثقافة مع الحياة الشعبية، مما يخلق مشهدًا بانوراميًا يعكس تنوّع المجتمع التونسي.
على مقربة من مداخل قصر المعارض، يصطف باعة المكسرات والحلوى، مُحوّلين المكان إلى سوق صغير. أكياس مملوءة بالحلويات، والشكولاتة مرصفة للعرض على طاولات خشبية أو صناديق مقلوبة، وروائح مأكولات معروضة للبيع تفوح في الأرجاء.
ينادي الباعة بصوت لا يخلو من نبرة ودّية، يمزجون بين التسويق والدعابة لجذب الزبائن. بعضهم يزن البضاعة بكفّه بدلاً من الميزان، وقد حفظ المقادير بدقة العادة، والبعض الآخر يقدّم "تذوّقًا مجانيًا" لكسب الزبائن. هذه المشاهد تُظهر كيف تتداخل الحياة اليومية مع الفعاليات الثقافية، مما يُضفي على المكان بُعدًا تجاريا وحركية اقتصادية هامة لأهالي المنطقة، على بساطتها.
غير بعيد، ينتشر حراس مأوى السيارات عند مداخل قصر المعارض بالكرم ومخارجه، يلوّحون للسيارات القادمة، يشيرون إلى الأماكن المتاحة، ويوجّهون السائقين بخبرة وحرص كبير. هم ليسوا مجرّد حراس موسميين يظهرون وقت معرض الكتاب فقط، بل جزء من المشهد الشعبي الذي يعكس نظاما قائما بذاته يدركه جيدا كل حارس وحارسة يتولى توجيه زوار المعرض نحو موقف السيارات.
في محيط المعرض، الزاخر بالكتب والإصدارات المتنوعة، تبرز هذه المشاهد من الحياة الشعبية تقاطع عالم الثقافة والكتب من جهة، مع عالم الحياة اليومية والحركية التجارية من جهة أخرى.
في هذه الأجواء، يتمكّن الزائر من اكتشاف الحدث الثقافي بوجهين مختلفين : الوجه الرسمي لتظاهرة سنوية تسعى إلى صقل الذوق ونشر المعرفة والثقافة، والوجه الشعبي الذي يحتفظ بالجوهر البسيط المُعبّر عن هوية سكان حيّ الكرم الشعبي المتاخم لقصر المعارض.
ولئن يُعتبر معرض تونس الدولي للكتاب أكثر من مجرّد فعالية ثقافية، فإنه يُمثّل محطة التقاء موسمية بين القيم الثقافية والمعيش اليومي، في مشهد لا يُعبّر فقط عن تنوّع المجتمع، بل عن قدرته على الجمع بين الالتزام الثقافي وكسب لقمة العيش.