تاريخ المجالس الأدبية بالبلاد التونسية ": محورمحاضرة لصاحبها الكاتب محمد المي

المجالس الأدبية ودورها في الحياة الفكرية ببلادنا منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى نهاية القرن العشرين، وما انبثق عنها من مشاريع سياسية وثقافية وصحفية لا يزال اثرها قائما الي اليوم، محور محاضرة القاها مؤخرا الكاتب محمد المي بحضور ثلة من المثقفين والأكاديميين، والشاعرين شمس الدين العوني وعادل الجريدي
استذكر المي "دكاكين الثقافة بتونس"،اين كان يجتمع الأدباء التونسيون والمفكرون في أواخر القرن الماضي، وهي دكان الشيخ بكار العنابي بجهة القصبة قرب تربة لاز، ودكان الشيخ خميس القبايلي بالعطارين ،ودكان الشيخ محمد الستاري في مقهى العطارين الحالي ،فهناك يجتمع سراة الأمّة من شيوخ مدرسين ومن أعيان الأدباء والكتاب
مجلس الأميرة نازلي فاضل في تونس
في استناد الى كتاب "أركان النهضة الأدبية "للشيخ محمد الفاضل ابن عاشور ، تحدث محمد المي عن أول مجلس أدبي تونسي عقدته الأميرة نازلي فاضل، زوجة الصدر الأعظم خليل بوحاجب ،ويعود تاريخه إلى سنة 1899 عندما جاءت لأول مرّة إلى تونس
وقال ابن عاشور في أثره انه "التأم حولها ناد إصلاحي أدبي تلاقت فيه العناصر والأجيال واجتمعت الآراء والمعارف وعلى ما اثر ذلك النادي في تقارب العناصر المفكّرة وتلاقحها ،وعلى ما أثر في توجيه الذوق الأدبي وشدّ عضد النهضة الفكرية ، فانّه قد أثر تأثيرا أسمى من ذلك كلّه في ما ضرب من مثل للمرأة التونسيّة بالمرأة الراقية "
مجلس شيخ الأدباء بمقهى البانكة
كما استند الكاتب الى مجلة المباحث للحديث عن المجلس الأدبي لشيخ الأدباء محمد العربي الكبادي في مقهى البانكة الذي قال عنه محمد البشروش " هذا المقهى لو قدّر لك أن تدخله .. إذا لرأيت رهطا من رجال الأدب يجتمعون وهم بين الشيخ والكهل والشّاب ،ويستمعون إلى الأستاذ الكبادي وهو ينتقل على دلّه بين ما تحويه ذاكرته الواعية من مختار النظم والنثر ،ويخيّل إليك وأنت في المقهى أنك في مصرف حقيقي ولكن ...لا مال فيه وهو على كل مصرف فيه الخواطر وقوالب الكلام"
مجلس جماعة تحت السور
هو مجلس ضمّ في البداية كل من علي الدوعاجي ومحمد العريبي والهادي العبيدي وعبد الرزاق كرباكة وعمر الغرايري وعبد العزيز العروي وجلال بن عبد الله وعبد السلام الأرناؤوط ، وكانوا يشترطون في البداية ألاّ ينضم إلى مجلسهم إلا من كان في اسمه أو لقبه حرف العين ولكنهم تنازلوا عن هذا الشرط ،وفتحوا الباب لمصطفى خريف وصالح الخميسي ويحيى التركي وبيرم التونسي والهادي الجويني .
لفت محمد المي إلى الصحف التي صدرت عن هذا المجلس،على غرار" السرور" لعلي الدوعاجي،و"الهلال" للعروي ،و"الدستور" لخريّف ،و"الصّريح" للعبيدي، و"الشباب" لبيرم التونسي ،مستحضرا ايضا، تكوّن مجلس نادي القلم في أوائل الخمسينات ، حيث كان أعضاؤه يجتمعون في مكتب كائن بنهج" الكوميسيون"،كمحمد العروسي المطوي، والشاذلي القليبي ومحمد مزالي والطاهر الخميري...الذين كانوا ينشرون انتاجهم الأدبي في مجلّة "النّدوة" المتعثرة ،لتنبثق من هذا النادي فكرة إنشاء مجلّة" الفكر" لمحمد مزالي
كما عرض المي بالنظر لحقبة نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن العشرين التي شهدت مجموعة أخرى كانت تلتقي في مقهى الدّيوان، و أطلقت على نفسها أسرة رابطة القلم الجديد ، ومن بين أعضائها عبد المجيد التلاتلي، ونورالدين صمّود ومنوّر صمادح والشاذلي زوكار وعلي شلفوح ...
مقهى باريس.. اخر معاقل المجالس الادبية
ختم الكاتب محاضرته بالحديث عن آخر المجالس الادبية ،و هو مجلس مقهى باريس الذي كان يتصدّره الأستاذ بوزيان السعدي، وكان يجتمع فيه جعفر ماجد وفتحي اللواتي وعبد السلام المسدي ومحمد صالح بن عمر وحسن نصر والهاشمي الطرودي ومحمود عبد المولى ونورالدين صمّود ،لافتا الى ان هذه المجالس لم تكن حكرا على العاصمة بل كانت موجودة في الجهات الدّاخلية، مثل المجالس الادبية بالقيروان ،وهي اليوم لم تسلم من عوادي الزمن، ولم يعد لها اي ذكر لتنضم لدفاتر الايام الخوالي