أيام قرطاج السينمائية 2025: الفيلم الجزائري "رقية" مقاربة نفسية لذكرى العشرية السوداء

اختتم الفيلم الجزائري "رقية" للمخرج يانيس سلسلة أفلام مسابقة الأعمال الروائية الطويلة للدورة 36 من أيام قرطاج السينمائية (13-20 ديسمبر 2025 ). وقد تم تقديم هذا الفيلم، وهو العمل الروائي الطويل الأول في رصيد مخرجه، مساء أمس الخميس في قاعة الأوبرا بمدينة الثقافة.

 

تدور أحداث "رقية" حول شخصية تعيش في فضاء يسكنها الخوف والقلق، حيث تتقاطع الحياة اليومية مع آثار عنف قديم لم يحسم بعد. ومع تقدّم الأحداث، تبدأ في الظهور ملامح ماض مرتبط بسنوات الاضطراب والعنف في الجزائر مع بداية التسعينات، لتتحول التجربة الشخصية إلى مواجهة مع شر يبدو كامنا وقابلا للعودة في أي لحظة. ولا يقدم الفيلم حكاية خطية واضحة، بل جاءت أحداثه شبه مبعثرة وهو ما يترك للمشاهد مهمة الربط بين التفاصيل وفهم ما هو مرئي وما يظل خفيا لاعتماده على الإيحاء والاشتغال على الذاكرة أكثر من السرد المباشر. ويصنف هذا العمل ضمن خانة السينما "البسيكولوجية".

 

وعلى مستوى الخصائص الفنية المميزة له، جاء إيقاع الفيلم بطيئا ومتدرجا انسجاما مع الحالة النفسية للشخصيات التي غلب عليها التوتر النفسي والانهيار. وأما الصورة السينمائية فجاءت بدورها قاتمة وإضاءتها خافتة للدلالة على هذا السواد الذي اكتنف عشرية التسعينات في الجزائر دون أن يسرد المخرج أحداثها بأسلوب مباشر. كما طغت على الفيلم مشاهد الفضاءات المغلقة للتعبير عن الشعور بعدم الأمان وحالة الاختناق وهو ما جعل المخرج يقتصر على اللقطات القريبة والقريبة جدا ليوصل هذا الشعور بالخوف والرهبة للمتفرج أيضا وليخدم عناصر الرعب في فيلمه وبدفع المتفرج إلى القلق وهو يترقب ما ستؤول إليه الأحداث.

 

والملاحظ في هذا الفيلم أيضا هو أن الموسيقى التصويرية تكاد تكون غائبة، وفي المقابل ارتكزت مشاهد الفيلم إما على الصمت أو ضجيج الحياة اليومية كخيار فني ينسجم مع طبيعة الفيلم النفسية.

 

ويتناول فيلم "رقية" فكرة الشر بوصفه عنصرا كامنا يستمر تأثيره حتى بعد اختفاء مظاهره العنيفة. وفي هذا السياق، يحيل الفيلم بشكل غير مباشر إلى مرحلة العشرية السوداء في الجزائر في التسعينيات وما نتج عنها من عنف مسلح قادته جماعات من بينها الجماعة الإسلامية المسلحة. غير أن العمل لا يعالج هذه المرحلة معالجة تاريخية مباشرة وإنما يركز على آثارها النفسية والاجتماعية طويلة المدى. كما يثير الفيلم أسئلة حول الذاكرة الجماعية وحدود النسيان وإمكانية تجاوز الماضي دون مواجهته. ويشير إلى أن تجاهل الذاكرة قد يسمح بعودة العنف بأشكال جديدة وهو ما يجعل الفيلم أقرب إلى تأمل في ما بعد العنف لا في العنف ذاته.

شارك:

إشترك الأن

تونس

14° - 17°
السبت18°
الأحد17°
هوانا عربي
 Radio RTCI
نوستالجيا
على اجنحة الليل
nozhat al ochek
أهل الفن
أهل الفن
ريحة البلاد
على اجنحة الليل

على اجنحة الليل

22:00 - 00:00

ON AIR
هوانا عربي
 Radio RTCI
نوستالجيا
على اجنحة الليل
nozhat al ochek
أهل الفن
أهل الفن
ريحة البلاد