ضمن ملتقى تونس للرواية العربية : روائيون ونقاد يبحثون حواريّة الذّات والمعنى

تتواصل فعاليات ملتقى تونس للرواية العربية لليوم الثاني على التوالي، حيث احتضنت دار الكتب الوطنية أمس الجمعة 12 ديسمبر 2025 الجلسة الأدبية الثالثة من الملتقى وعنوانها "الحلم في الرواية العربية: حوارية الذات والمعنى".
وأثث مداخلات هذه الجلسة التي أدارتها الروائية التونسية نور الهدى باديس كل من الكاتب التونسي مجدي بن عيسى والكاتبة الليبية عائشة إبراهيم والموريتاني محمد الأمين محمد الأمين.
نور الهدى باديس: الرواية دفق الأحلام وحواجز الانكسار الرواية والحلم، هل نحلم عندما نكتب؟
وانطلقت الروائية التونسية نور الهدى باديس في مداخلتها من ملاحظة أن الحلم يرافق حياة الإنسان وليس حصرا على الرواية، إذ لا يوجد إبداع خارج الحلم وهذا ينسحب على مختلف الأجناس الأدبية، وترى الروائية أن الحلم هو الذي يميز التجربة الإبداعية من ناحية وتجربة القراءة والنقد من ناحية أخرى.
ارتكزت نور الهدى باديس في مداخلتها التي تحمل عنوان "الرواية: دفق الأحلام وحواجز الانكسار الرواية والحلم، هل نحلم عندما نكتب؟"، على أربعة نماذج لروايات تونسية تجمع بين الاتجاه الواقعي، والسيرذاتي، والتخييلي الفنتازي وتعبر في الآن ذاته عن واقع اجتماعي وسياسي معين، وهذه النماذج هي، "ريح الصبار" لمسعودة بوبكر التي قدمتها من خلال "قراءة رحلة الذات في العوالم المؤلمة تجاوزا للخوف وبحثا عن الخلاص، عن الحلم"، ورواية "جهاد ناعم" لمحمد عيسى المؤدب التي تناولتها من زاوية "الحلم وبشاعة الواقع"، ثم رواية "بغداد وقد انتصف الليل فيها" لحياة الرايس وعلاقة السفر بالحلم في هذا العمل الأدبي، و "رواية 2160" للهادي جاء بالله باعتبار أن "الإبداع حلم يستشرف المستقبل وخيال مجنح لا يقف عند حد".
ومن أهم ما استخلصته الكاتبة أن الحلم استعارة بها تحيا الكتابة الإبداعية بالأساس، والكتابة وسيلة لتحقيق الأحلام خاصة الخلود، و الُحلم هو عنصر مشترك بين مختلف الأجناس الروائية بنسب متفاوتة.
عائشة إبراهيم: جماليات الحلم وكشف الذات في الرواية الليبية المعاصرة
ومن خلال نماذج روايات "نزيف الحجر" لإبراهيم الكوني و "كناش الخوف" لعبد الله الغزال و "تلاحم الحواس" لمحمد التليسي، قدمت الروائية الليبية عائشة ابراهيم، قراءة في "جماليات الحلم وكشف الذات في الرواية الليبية المعاصرة"، وقد قاربت هذه الأعمال من منظوري الأدب وعلم النفس لتستخلص أن الروايات الثلاث مثلت "فضاء تتقاطع فيه الرغبة مع اللاوعي والأسطورة والواقع الاجتماعي بحيث لم تعد الحكاية تروى على مستوى الوعي بل على مستوى الحلم الذي يعيد إنتاج الوعي". كما استنتجت أن توظيف الحلم في الرواية الليبية المعاصرة يعكس عمق التحول الجمالي في بنية السرد.
مجدي بن عيسى: الحلم والتجريب: تفكيك عُرى السرد، والفكاك من المرجع
انطلق الروائي التونسي مجدي بن عيسى من المنهج التجريبي في الكتابة الروائية ليطرح العلاقة بين الحلم والتجريب في ثلاث روايات تونسية، فالفرضية المركزية لطرحه تتمثل في أن "الأحلام في المتون الروائية العربية الحديثة تعطي دورا كبيرا في مد النص بممكنات تجريبية أكيدة في طموح الرواية التجريبية إلى تفكيك عرى السرد، ونزوع الروائيين إلى الفكاك من المرجع الواقعي".
ففي مداخلته التي حملت عنوان "الحلم والتجريب: تفكيك عُرى السرد، والفكاك من المرجع"، انطلق من رواية "القرد الليبرالي" لسفيان رجب، و "زندالي" لأمين الغزي، و "كلاب الجحيم" لإبراهيم الدرغوثي، ليبين أن الحلم يدخل في الروايات من بوابة الواقع وأن كتابة الحلم نفسه هو الذي يعطي البعد التجريبي في الكتابة.
يرى بن عيسى أن الحلم في الرواية هو محاولة لاختراق باب قد أغلق من السرد، وهو بذلك محاولة لفتح آفاق جديدة، وقد يأتي استشرافا وتنبؤا لما سيحدث للبطل، فالحلم بما يُتيحها من ممكنات سهّل على كُتاب المنزع التجيربي كسر رتابة السرد.
محمد الأمين محمد الأمين: تسّريد الحُلم في الرواية الموريتانية
وفي إطار الانفتاح على مختلف التجارب الروائية العربية، اختتمت الجلسة الأدبية بمداخلة للباحث الموريتاني محمد الأمين محمد الأمين بعنوان "تسّريد الحُلم في الرواية الموريتانية"، عاد من خلالها على تاريخ نشأة الرواية في موريتانيا وأهم المراحل التي مرت بها الكتابة الروائية في التجربة الموريتانية وذلك من خلال نماذج عديدة من بينها روايتي "الأسماء المتغيرة" و"القبر المجهول" لأحمد ولد عبد القادر و رواية "مدينة الرياح" لموسى ولد أبنو وغيرها من الأعمال الموريتانية التي راوحت في أغلبها بين السرد السياسي والتناقضات الاجتماعية والطرح الفلسفي.
وتطرق الباحث إلى مسألة "الحلم في مخيلة الروائي الموريتاني" من خلال العمل على الأزمنة في بعض النماذج من بينها رواية "الشفق اللازوردي" لمحمد الأمين ولد أحظانا وهي رواية عن الصحراء تعتمد أسلوب الترميز وتستغل الحُلم بمقاربة ميتافيزيقية فلسفية مشبعة بالتنبؤ، بما يساهم في المراوحة بين الأزمان.
وتتواصل فعاليات الملتقى مساء اليوم مع جلسة أدبية رابعة موضوعها "الرّمز وجمالّيات السّرد".




13° - 20°








