برنامج ثري في احتفالات الرشيدية بتسعينية تأسيسها

تحتفل "الرشيدية" خلال شهر نوفمبر الجاري بمرور تسعين سنة على تأسيسها الموافق لـ 3 نوفمبر 1943 على يد نخبة من الفنانين والمثقفين التونسيين ممن حرصوا على المحافظة على الموسيقى التونسية، بصفتها جزءا من الهوية والوطنية، والترويج لها.

وفي إطار التذكير بأهمية هذه التجربة الفنية التي تُمثل جزءا من الهوية الثقافية الفنية التونسية، تنظم "الرشيدية" من 4 إلى 7 ديسمبر 2025 تحت شعار "عبق المالوف"، برنامجا احتفاليا يُراوح بين ما هو معرفي تاريخي من خلال يوم أكاديمي مخصص للحديث عن تاريخ الرشيدية، وبين ما هو جديد في علاقة بالانفتاح على العالم من خلال التعريف بموقع الواب الخاص بالجمعية، فضلا عن معرض وثائقي حول الرشيدية، وتقديم المتحف القار للملحّن الموسيقي والباحث صالح المهدي، الذي خلد اسمه في تاريخ المالوف التونسي والجمعية الرشيدية، وذلك حسب ما صرح به نائب رئيس "الرشيدية"، طاهر الحبيب، لوكالة تونس إفريقيا للأنباء.

وأشار الحبيب إلى أن الاحتفال بتسعينية الرشيدية سيتضمن في اختتامه، حفلا فنيا يتم خلاله تقديم نوبة "المحير سيكاه" لأول مرة في تاريخ الجمعية حيث تركها صالح المهدي مخطوطا، بقيادة المايسترو نبيل زميت ومشاركة درصاف الحمداني ومحمد بن صالح، وذلك مساء الأحد 7 ديسمبر بالمسرح البلدي بالعاصمة.

 الرشيدية: تاريخ النشأة والأهداف

"الرشيدية"، أو جمعية المعهد الرشيدي للموسيقى التونسية وهي التسمية الإدارية لهذا الصرح الثقافي، تأسست سنة 1934 بالتزامن مع مؤتمر قصر هلال، الذي أفرز عن تأسيس الحزب الحر الدستوري الجديد، وأشرف على هيئتها الإدارية الأولى السياسي التونسي مصطفى صفر.

وفي مُداخلة حول تاريخ تأسيس هذه الجمعية العريقة، تحدث الأستاذ المختار المستيسر خلال الندوة تظاهرة "نسمات أندلسية" التي انتظمت يوم 16 أكتوبر بمركز الفنون والثقافة والآداب بالقصر السعيد بباردو، عن التحولات الكبرى التي كانت تعيشها تونس خلال ثلاثينات القرن الماضي وكيف جاء تأسيس "الرشيدية من رحم تلك التحولات.

فقد بين هذا الباحث، في مداخلة سابقا، أن "المشهد الموسيقي في تونس خلال ثلاثينات القرن العشرين كان يعيش تحولات كبرى نتيجة التفاعل بين الهوية المحلية من جهة والضغوط الاستعمارية والثقافية الفرنسية من جهة أخرى، ما جعل الحاجة إلى بعث مؤسسة موسيقية وطنية ضرورة تاريخية. وأوضح أن المدرسة الرشيدية التي تأسست سنة 1934 بمبادرة من مجموعة من المثقفين والفنانين الوطنيين، كانت مشروعا ثقافيا وطنيا بامتياز يهدف إلى حماية التراث الموسيقي التونسي من الاندثار والذوبان في الأنماط الوافدة وإلى إعادة الاعتبار للأغنية التونسية ذات الجذور الأندلسية.

وأكد أن هذه المدرسة مثّلت رمزا للمقاومة الثقافية ضد "سياسة التذويب" الفرنسية التي كانت تعتبر الموسيقى الشرقية "موسيقى متخلّفة" لا تواكب الحداثة الأوروبية، فعملت الرشيدية على إبراز العمق الحضاري والجمالي للموروث التونسي عبر التلحين والتعليم والتوثيق وإحياء المالوف".

ومن أهم أهداف تأسيس "الرشيدية"، الحفاظ على التراث الموسيقي وإثراؤه ونشره، وتكوين فرقة موسيقية لتنفيذ هذا التوجه وإنتاج مضامين موسيقية تونسية الأصل ومن ضمن أهم الأسماء التي ساهمت في بروز هذه الفرقة، شيخ المالوف الراحل خميس ترنان، وقد أشرف عليها في فترات متعاقبة كل من صالح المهدي، وقدور الصرارفي و عبد الحميد بلعلجيّة و محمّد سعادة ولطفي الوكيل وزياد غرسة وفتحي زغندة ونبيل زمّيط.

ومن بين الأهداف الأخرى لتأسيس الرشيدية، ترسيخ التعليم الموسيقي مع الحرص على توجيهه نحو خصوصيات الموسيقى التونسية، ويُعد هذا الهدف من الأهداف الرائدة للرشيدية، ومن أكثر الشخصيات التي حرصت على تطبيقه آنذاك، مصطفى الكعاك الذي ترأس الهيئة الإدارية الثانية للرشيدية والتي انتُخبت في 1941.

 الرشيدية وتوثيق المالوف التونسي

شهدت الرشيدية على مدى التسعين سنة الماضية عديد المحطات التاريخية الهامة حيث رسخت هذه الجمعية جذورها في المشهد الثقافي التونسي وأصبحت حاضنة للعديد من الفنانين والراغبين في تعلم الموسيقى العربية، كما نجح القائمون عليها في تسجيل نوبات المالوف التونسي حفاظا عليه من الاندثار.

انطلقت الرشيدية منذ سنة 1954، في "حملة تسجيل نوبات المالوف"، وفي سنة 1957، بعد سنة من الاستقلال، انطلقت عملية تسجيل المالوف لصالح الإذاعة التونسية، وقد تم تسجيل 12 نوبة بإشراف خميس ترنان.

ومن أبرز أيقونات الفن التونسي اللاتي برزن من خلال الرشيدية، حسيبة رشدي وصليحة ونعمة وعليا وغيرهن.

ورغم تراجع مواردها خلال السنوات الأخيرة، وهو ما عبر عنه نائب رئيس جمعية "الرشيدية" وكاتبها العام السابق، طاهر الحبيب، في أكثر من مناسبة، إلا أنها ما تزال اليوم تصارع من أجل البقاء وسط مشهد ثقافي وفني يعيش تطورات كبرى على مستوى التقنيات والآلات وأيضا انفتاحا على هويات ثقافية مختلفة، وهو ما جعل القائمين على التعليم في الرشيدية يتوجهون نحو الاستفادة من آلات موسيقية غربية على غرار البيانو.

شارك:

إشترك الأن

تونس

17° - 24°
الثلاثاء21°
الأربعاء20°
هذا المساء
 Radio RTCI
العشوية
شرفات المساء صفاء القطاري
ymasikom
بالتوقيت المحلي
نبض المساء
مساء الأنس
أصايل
شرفات المساء صفاء القطاري

شرفات المساء صفاء القطاري

17:00 - 20:00

ON AIR
هذا المساء
 Radio RTCI
العشوية
شرفات المساء صفاء القطاري
ymasikom
بالتوقيت المحلي
نبض المساء
مساء الأنس
أصايل