الأستاذ إبراهيم بن مراد يحاضر في بيت الحكمة حول "الكتابة القصصية العربية اليوم"

 في إطار الندوة التي نظمها قسم الآداب بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون "بيت الحكمة" تحت عنوان "قراءة النص المسرحي" تكريما للأديب عز الدين المدني، قدم الكاتب والأستاذ الجامعي إبراهيم بن مراد محاضرة بعنوان "الكتابة القصصية العربية اليوم" تناول فيها تطور فن القصة في الأدب العربي من جذوره القديمة إلى تجلياته الحديثة.

استهلّ بن مراد مداخلته بالحديث عن موضوع القصة الذي اعتبره لا ينفصل عن تطور اللغة العربية ذاتها، إذ يعد السرد أحد أقدم أشكال التعبير الأدبي في التراث العربي. وأوضح أن القص العربي عرف ملامحه الأولى في النصوص التراثية التي جمعها الأدباء والمحدثون مثل قصص الأنبياء وكليلة ودمنة والمقامات التي ابتدعها بديع الزمان الهمذاني وواصلها الحريري، بالإضافة إلى القصص القرآني الذي شكل نموذجا فنيا متكاملا للقص في بعده الرمزي والإنساني.

وانتقل إلى الحديث عن نشأة القصة الحديثة في الأدب العربي مع مطلع القرن العشرين، مشيرا إلى تأثير الأدب الغربي وخاصة الفرنسي في بروز الشكل القصصي الحديث. وأوضح أن القصة القصيرة والرواية العربية تبلورتا بفضل جهود رواد الواقعية على غرار نجيب محفوظ ويوسف إدريس في مصر، والبشير خريف ومحمد العروسي المطوي في تونس، حيث ركز هؤلاء على تصوير الواقع الاجتماعي والمعيش ثم تطورت الواقعية إلى ما سُمي بـ "الواقعية الجديدة" التي مزجت بين الملاحظة الموضوعية واستبطان النفس الإنسانية.

وبيّن بن مراد أن الكتابة القصصية الحديثة لم تعد مجرد وصف للواقع وإنما أصبحت رؤية فكرية وجمالية تعبّر عن موقف الكاتب من العالم، معتمدة على الرمزية والتلميح بدل التصريح ومستخدمة تقنيات جديدة مثل تعدد الأصوات وكسر التسلسل الزمني والتناوب بين الواقعي والمتخيل.
وأشار إلى أن عددا من الكتّاب التونسيين وفي مقدمتهم عز الدين المدني ساهموا في ترسيخ هذا الاتجاه عبر أعمال جمعت بين التخييل الفني والبعد الفكري، مستشهدا برواية "الإنسان الصفر" التي مثّلت، وفق تعبيره، نموذجا على الواقعية المركبة التي تجمع بين الواقع المعيش والواقع المتخيل في صياغة رمزية تستبطن أبعادا سياسية وفكرية عميقة.
كما توقف عند توظيف التراث في القصة الحديثة، مبينا أن العودة إلى النصوص والأساطير القديمة ليست تكرارا للماضي بقدر ماهي وسيلة لتجديد اللغة والتعبير عن قضايا الحاضر من خلال رموز تاريخية أو أسطورية.

واختتم محاضرته بالتأكيد على أن الكتابة القصصية العربية اليوم تعيش مرحلة من التنوع والانفتاح على الأساليب السردية العالمية دون أن تفقد هويتها العربية، مشدّدا على أن قيمة النص لا تكمن في تقليد النماذج الأجنبية وإنما في قدرة الكاتب على ابتكار أسلوبه الخاص الذي يعبّر عن مجتمعه ولغته ورؤيته للوجود.
 

شارك:

إشترك الأن

تونس

20° - 29°
الأربعاء30°
الخميس28°
الجمعة25°
السبت25°
الأحد26°
الاثنين24°
الاذاعة الوطنية
رحيق اللّسان
رحيق اللّسان

رحيق اللّسان

04:00 - 05:00

ON AIR
الاذاعة الوطنية
رحيق اللّسان