دريم سيتي" تحوّل قشلة العطارين إلى مختبر للفن والذاكرة والهوية

في قلب مدينة تونس العتيقة، فتحت قشلة العطارين أبوابها لتتحول طيلة أيام تظاهرة "دريم سيتي" في دورتها العاشرة (3 - 10 أكتوبر 2025) إلى فضاء يحيا بالفن ومنصة للتلاقي والحوار والاكتشاف. وتتقاطع التجارب الفنية المتنوعة في هذا الفضاء حيث تلتقي الأعمال الغامرة بالأفلام الوثائقية الجريئة وورشات الإبداع الجماعي. وقد كان هذا المعلم العريق بتاريخه موقعا عسكريا. وها هو يعيش اليوم على إيقاع الفنون المعاصرة ويغدو نقطة التقاء بين الفنانين والجمهور وزوار المدينة على حد سواء.
ويشارك في هذا الفضاء نحو 10 فنانين من جنسيات مختلفة ومشارب فنية متنوعة ليقدموا أعمالا تمزج بين الحس الإنساني والنقدي والتجريبي. وتتناول هذه الأعمال قضايا الهوية والمنفى والذاكرة الجماعية والتصدّعات التي يعيشها عالمنا المعاصر. إنها أعمال تعكس روح زمنها وتدعونا للتأمل وإعادة التفكير.
ومن بين أبرز الأعمال المعروضة "حزب فيسلوك / حزب فيسلايك" للفنانين منى جمال ووديع مهيري، وهو عمل يستجوب علاقتنا بالهوية في زمن الشبكات الاجتماعية. أما "شذرات العروسة" لسلمى وسفيان ويسي فيعيد إحياء "العروسة" (الدمية الطينية التقليدية) بوصفها ذاكرة نسائية حية من خلال ورشات تشاركية تجمع نساء سجنان الحرفيات بالمشاركين في تجربة فنية وجماعية.
وتتواصل الأعمال الأخرى بنفس الزخم الإبداعي مثل "بدأنا بقياس المسافة" لبسمة الشريف و"فراغ" لرائدة سعادة اللتين تتناولان موضوعات المنفى والمسافة والمقاومة اليومية. أما "نظام الخير" لجمانة مناع وسيل ستوريهل و"يتبع..." لشريف واكد فيقدمان معالجة تجمع بين النقد السياسي والسخرية السوداء. في المقابل، تحمل أعمال مثل "بياض حبيبة" لمالك قناوي و"ولم أستطع رؤية القمر (الفصل الثاني)" لفخري الغزال بعدا شعريا وتأمليا يستكشف الضوء والظل والذاكرة الشخصية.
ويتفاعل كل عمل هنا مع المكان نفسه، فيحول قشلة العطارين إلى فضاء يروي قصصه الخاصة عبر جدرانه الواسعة وغرفه التي تحتضن هذه السرديات الفنية، فأصبحت بذلك ساحة فكرية مفتوحة حيث يحرك الفن المعاصر الوجدان ويثير التساؤلات ويبعث على التأمل والتفكير ويدعو إلى النظر للعالم من زوايا جديدة وغير مألوفة.
وتتواصل الدورة العاشرة لتظاهرة "دريم سيتي" إلى غاية 19 أكتوبر 2025. ويشمل برنامجها 56 عملا فنيا من 22 بلدا، يقدمها 56 فنانا من ضمنهم 8 تونسيين. وتشمل التظاهرة عروض أداء وتنصيبات وورشات ولقاءات فكرية وعروض موسيقية وكوريغرافية، إلى جانب برنامج خاص بالأطفال تحت عنوان "خربقة سيتي".