عرض "بارك" في اليوم الافتتاحي لتظاهرة "دريم سيتي": رقصة تتحدى القيود وتعيد الفن إلى جوهره الإنساني

ضمن فقرات اليوم الافتتاحي للدورة العاشرة من تظاهرة "دريم سيتي" (3 - 19 أكتوبر 2025)، كانت حديقة البلفيدير بالعاصمة مسرحا لعرض فني راقص في مشهد لا يشبه غيره من العروض، حمل عنوان "بارك" (p/\rc_)، وهو عمل كوريغرافي حمل توقيع الثلاثي الفرنسي "إريك مين كوانغ كاستاينغ" و"ألون مارشال" و"مارين ريلانجيه". حديقة تتحول إلى مسرح للإنسانية.
والتقى الأطفال من ذوي الاحتياجات الخصوصية بعدد من الراقصين المحترفين في عرض تلاشت فيه الفوارق بين من يُصنّف "قادرا" ومن يُنظر إليه على أنه "محدود الحركة". وقد تفاعلت الأجساد في ما بينها وتساندت ورسمت لوحات راقصة خرجت عن المألوف على مستوى الشكل وعلى مستوى الجوهر والرسالة.

وتحوّل الجسد المختلف من متلق سلبي إلى مصدر للخيال الحركي وإلى باثٍّ للمعنى والإحساس. وقد كان الأطفال شركاء حقيقيين في صياغة الرقصة التي بدت وكأنها دعوة مفتوحة لإعادة التفكير في مفاهيم الحضور والمشاركة والتواصل. أما الراقصون في "بارك" فهم لم يؤدوا حركات مصممة فقط وإنما تحولوا إلى امتدادات حسية للأطفال من ذوي الاحتياجات الخصوصية، فتارة يحملونهم وطورا يرافقونهم ويفتحون لهم مجال الحركة لا إشفاقا عليهم وإنما بصفتهم إنسانا كاملا مشاركا في العرض.

وبدا التفاعل الجسدي محكوما بمبدأ الرعاية المتبادلة حيث يصبح الرقص فعلا من أفعال العناية والتضامن والانفتاح على إيقاعات جسدية بديلة، إذ لم تكن هناك "إعاقة" فقد كانت هناك طرق جديدة للحركة ومسارات مبتكرة للتواصل وانسجام فني لا متناه يعيد تشكيل العلاقة بين الذات والآخر.

ويرفع هذا العرض إحدى أسمى القيم الإنسانية إذ من حق الجميع دون استثناء أن يكونوا جزءا من الفعل الثقافي لا مجرد متفرجين متلقين فقط. وقد مكّن هذا العرض الأطفال من ذوي الاحتياجات الخصوصية من أن يكونوا فاعلين في صياغة الخطاب الفني وأن يشاركوا الجمهور رسالة وجودية ملؤها الأمل والصدق والحلم.

وتتواصل الدورة العاشرة لتظاهرة "دريم سيتي" إلى غاية 19 أكتوبر 2025. ويشمل برنامجها 56 عملا فنيا من 22 بلدا، يقدمها 56 فنانا من ضمنهم 8 تونسيين. وتشمل التظاهرة عروض أداء وتنصيبات وورشات ولقاءات فكرية إلى جانب عروض موسيقية وكوريغرافية، وبرنامج خاص بالأطفال تحت عنوان "خربقة سيتي".