جامع الزّيتونة المعمور: فسيفساء معمارية صامدة…وتنوّع حضاري مشعّ عبر التّاريخ

يُعتبر جامع الزيتونة أحد أبرز المعالم الدينيّة والعلميّة في تونس والعالم الإسلامي، يطلق عليه أيضًا جامع الزيتونة المعمور أو الجامع الأعظم وهو الجامع الرئيسي في المدينة العتيقة في تونس العاصمة.
ويمتد الجامع على مساحة 000 5 متر مربع ويحتوي على تسعة أبواب.
وهو من أقدم وأشهر المساجد في بلاد الإسلام، وهو ثاني جامع بني في أفريقيا، وثاني أكبر جامع في تونس بعد جامع عقبة بن نافع، ويرجع تأسيسه إلى عهد حسان بن نعمان سنة 79 هـ، واكتمل تشييده في عهد عبيد الله بن الحبحاب سنة 116 هـ، فيما أعيد بناؤه في القرن التاسع للميلاد، وقد أطلق على الجامع المعمور “الزيتونة” نسبة إلى شجرة زيتون كانت تتوسّط صحنه.
مستطيل غير متساوي الأضلاع…
وجاء تخطيط المسجد على شكل مستطيل غير متساوي الأضلاع، يشبه إلى حد كبير جامع عقبة بن نافع بالقيروان، ويحيط بفنائه رواق قائم على أعمدة ذات تيجان قديمة، بينما الأروقة الثلاثة الأخرى ترتكز على أعمدة من الرخام الأبيض المجلوب من ايطاليا خلال القرن التاسع عشر.
وتتوسط هذا الفناء المزولة، بينما تحتل الصومعة المربّعة الزاوية الشمالية الغربية للفناء، ويبلغ ارتفاعها 43 مترا وهي تشبه كثيرا صومعة جامع القصبة.
للجامع عدد هام ومتنوع من الأسقف، وقد جاء سقف بيت الصلاة مغطىّ بعوارض خشبية بارزة من الداخل ومنبسطا مسطحا من الخارج.
وترتكز هاته السّقوف على أعمدة من الرخام جُلب أغلبها من المواقع الأثرية الرومانية والبيزنطية بالبلاد التونسية. وتعلو المحراب قبة مبنية بحجارة الحرش ذات قاعدة مربّعة يعلوها افريز وتحتوي على زخارف صغيرة ذات أشكال مقوسة.
ويبرز من القاعدة شكل أسطواني مزخرف بعشرة أعمدة ذات تيجان مورّقة، ويوجد بها عشرة نوافذ مقوّسة، يعلوها شكل نصف كروي مضلّع، وتشتمل قبة المحراب على نقيشة تضم اسم المؤسس وتاريخ البناء.
وتتمثل زخرفة المحراب في لوحة رخامية منحوتة ونقوش جصّية مختلفة في غاية الإتقان.

دور علمي وثقافي هامّ…
وكان جامع الزّيتونة المعمور محور عناية الخلفاء والأمراء الذين تعاقبوا على إفريقية، ولم يقتصر دور الجامع على مسجد للصلاة إنّما اضطلع بدور علميّ وثقافيّ عبر العصور.
فخلال القرن الثامن للهجرة، أصبح جامع الزيتونة منارة للتدريس والتعليم في علوم الدين ومقاصد الشريعة وذاع صيته في مختلف بلدان العالم الإسلامي.
تاريخ حيّ يسرد فسيفساء من الحضارات
يُعتبر جامع الزيتونة أحد أبرز المعالم الدينيّة والعلميّة في تونس والعالم الإسلامي، يطلق عليه أيضًا جامع الزيتونة المعمور أو الجامع الأعظم وهو الجامع الرئيسي في المدينة العتيقة في تونس العاصمة.
ويمتد الجامع على مساحة 000 5 متر مربع ويحتوي على تسعة أبواب.
وهو من أقدم وأشهر المساجد في بلاد الإسلام، وهو ثاني جامع بني في أفريقيا، وثاني أكبر جامع في تونس بعد جامع عقبة بن نافع، ويرجع تأسيسه إلى عهد حسان بن نعمان سنة 79 هـ، واكتمل تشييده في عهد عبيد الله بن الحبحاب سنة 116 هـ، فيما أعيد بناؤه في القرن التاسع للميلاد، وقد أطلق على الجامع المعمور “الزيتونة” نسبة إلى شجرة زيتون كانت تتوسّط صحنه.
مستطيل غير متساوي الأضلاع…
وجاء تخطيط المسجد على شكل مستطيل غير متساوي الأضلاع، يشبه إلى حد كبير جامع عقبة بن نافع بالقيروان، ويحيط بفنائه رواق قائم على أعمدة ذات تيجان قديمة، بينما الأروقة الثلاثة الأخرى ترتكز على أعمدة من الرخام الأبيض المجلوب من ايطاليا خلال القرن التاسع عشر.
وتتوسط هذا الفناء المزولة، بينما تحتل الصومعة المربّعة الزاوية الشمالية الغربية للفناء، ويبلغ ارتفاعها 43 مترا وهي تشبه كثيرا صومعة جامع القصبة.
للجامع عدد هام ومتنوع من الأسقف، وقد جاء سقف بيت الصلاة مغطىّ بعوارض خشبية بارزة من الداخل ومنبسطا مسطحا من الخارج.
وترتكز هاته السّقوف على أعمدة من الرخام جُلب أغلبها من المواقع الأثرية الرومانية والبيزنطية بالبلاد التونسية. وتعلو المحراب قبة مبنية بحجارة الحرش ذات قاعدة مربّعة يعلوها افريز وتحتوي على زخارف صغيرة ذات أشكال مقوسة.
ويبرز من القاعدة شكل أسطواني مزخرف بعشرة أعمدة ذات تيجان مورّقة، ويوجد بها عشرة نوافذ مقوّسة، يعلوها شكل نصف كروي مضلّع، وتشتمل قبة المحراب على نقيشة تضم اسم المؤسس وتاريخ البناء.
وتتمثل زخرفة المحراب في لوحة رخامية منحوتة ونقوش جصّية مختلفة في غاية الإتقان.

دور علمي وثقافي هامّ…
وكان جامع الزّيتونة المعمور محور عناية الخلفاء والأمراء الذين تعاقبوا على إفريقية، ولم يقتصر دور الجامع على مسجد للصلاة إنّما اضطلع بدور علميّ وثقافيّ عبر العصور.
فخلال القرن الثامن للهجرة، أصبح جامع الزيتونة منارة للتدريس والتعليم في علوم الدين ومقاصد الشريعة وذاع صيته في مختلف بلدان العالم الإسلامي.
تاريخ حيّ يسرد فسيفساء من الحضارات
يعود تاريخ المسجد الإسلامي المبكر على الأقل إلى زمن الوالي عبيد الله بن الحبحاب في عام 116هـ/734م (يُفترض أن مسجدًا أوليًا أسسه الفاتح حسان بن النعمان كان أصل هذا التأسيس).

وفي عام 250هـ/864م، أُعيد بناء المسجد بالكامل على طراز مهيب يذكرنا بعاصمة القيروان، التي كانت آنذاك في منافسة سياسية مع تونس.
ومن المرجح أن هذا هو السبب وراء اقتصار الإشارة في نقائش التأسيس على الخليفة العباسي في بغداد والمشرف، مولى الخليفة نصير، ومهندسه فتح، مع الاحتفاظ فقط بالعناصر الأثرية المستعادة من المسجد القديم.
أسلوب معماري جديد خاصّ بتونس…

ونشهد ولادة أسلوب خاص بتونس من خلال الجمع بين المظهر العسكري لمسجد سوسة، مثل الأبراج الركنية، وفخامة مسجد القيروان، التي تتجلى في الأسقف الخشبية والصحن ذي الأعمدة مع الاستخدام المكثف للأعمدة والتيجان الرخامية، والزخارف الجصية والحجرية المنحوتة.

وقد أكد الفاطميون، من خلال اهتمام الحاكم الزيري منصور بن زيري (373-382هـ/983-992م)، على المظهر الرسمي للمعلم من خلال بناء رواق البهو على غرار الرواق الذي أضيف إلى القيروان وكذلك المجنبات، ولكن القبة هنا تتفوق من الناحية الزخرفية على سابقتها بكثير، مما يؤكد المنافسة بين المدينتين.

كما تركت الإمارة التونسية المستقلة لبني خراسان (451-555هـ /1059-1160م)، على الرغم من حكمها القصير، بصمتها من خلال تجديد مقصورة الإمام وبناء مقصورة ملحقة تكريمًا لشخصية بارزة في تونس: محرز بن خلف، وشملت أعمالهم أيضًا تجديد المداخل الرئيسية والجانبية، وخاصة المدخل المحوري للواجهة الشمالية.

وبعد الفتح الموحّدي في عام 555هـ/1160م، نشهد ظهور اسم “الزيتونة” لأول مرة، في تقليد بربري خالص، للإشارة إلى الجامع الأعظم في تونس، وهو الاسم الذي سيصبح راسخًا نهائيًا في عهد الحفصيين.

وقد أثرت الأعمال الحفصية بشكل عميق على المعلم والمناطق المحيطة به من خلال أشغال مائية كبيرة ورائعة مثل تزويد الجامع بالمياه من حنايا زغوان التي تم توجيهها بدورها إلى القصبة، وبناء خزانات مياه تتجاوز بكثير احتياجات المعلم.
وفي هذا السياق، تمّ بناء: الصهريج المركزي الضخم، والصهريج الصغير، وسبيل، وأماكن للوضوء، وسقاية أخرى على الواجهة الغربية.
وتمّ بناء ميضات رائعة بالقرب من سوق العطارين، الذي أعيد تصميمه هو نفسه مع سوق القماش خلال هذه الفترة.


الخطّ الكوفي في نقيشة التأسيس

أما الجامع نفسه، فقد شهد فصل بيت الصلاة عن رواق البهو بواسطة أبواب خشبية بقي منها الباب البديع الذي يحمل نقيشة التأسيس بالخط الكوفي المربع كما شهد توسيع مقصورة محرز وإنشاء مقصورة جديدة على الجانب المقابل، وبناء مكتبتين: مكتبة أبي فارس عبد العزيز في الطرف الشمالي من الواجهة الغربية مع الممر المقبى لسوق القماش، وأخرى في وقت لاحق على الجانب المقابل المطل على سوق الفكة (العبدلية التي هُدمت فيما بعد). كما تم تشييد مئذنة في المئذنة الحالية. وإلى جانب صيانة السقف والإصلاحات الجزئية للأرضية، تم تنفيذ أعمال إضاءة، بما في ذلك تركيب ثريا ضخمة ظلت موجودة حتى عام 1936 على الأقل.

وقد تم في الفترة المرادية (1040-1116هـ / 1631-1704م) إنشاء رواق مرادي يمتد من الطرف الجنوبي لصحن جنائز الحفصيين، مع تجديد كامل للأرضيات والتغطية. إلى جانب عدد من الترميمات الأخرى.

ولم تؤثر تدخلات الفترة الحسينية (1116-1376هـ / 1705-1957م) على هيكل الجامع باستثناء التجديد الكامل لأروقة الصحن الثلاثة في عام 1870 والصيانة الدائمة للأسقف التي تم تنفيذها في سنوات 1707 و1766 و1774 و1782 و1830 و1889 و1936، وبعض أعمال الجص والخشب المطلي.

اعتراف جديد : الألكسو تسجّل جامع الزيتونة المعمور
وللتذكير، قد تمّ مؤخرا بالعاصمة اللبنانية بيروت تسجيل جامع الزيتونة المعمور ضمن السجلّ المعماري والعمراني للتراث العربي، وذلك في إطار أشغال الاجتماع العاشر للمرصد الحضري التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم – الألكسو، ويُعدّ هذا التسجيل إلى جانب تسجيله بقائمة التراث العالمي لليونسكو، يعدّ اعترافًا إقليميًا بقيمة هذا المعلم التاريخي والمعماري العريق.
ويخضع جامع الزيتونة إلى الصّيانة بشكل دوري، وذلك تحت إشراف المعهد الوطني للتراث، بالتنسيق مع مختلف الأطراف المتداخلة ومنها بلدية تونس ومصالح وزارة الشؤون الدينية. كما يعدّ المعهد مشروعا متكاملا لترميم وتهيئة وتثمين جامع الزيتونة المعمور ومحيطه المباشر، وهو في مرحلة الدراسات، وهي مرحلة علمية دقيقة، وذلك بمشاركة مختصّين في المجال.
أهداف مشروع الصّيانة والترميم …
ويهدف هذا المشروع الذي سينطلق قريبا إلى ترميم جامع الزيتونة باعتبار جميع مكوناته الهيكلية الزخرفية مع التقيد باحترام قيمتها التراثية، اضافة الى تهذيب وتهيئة الأنهج والساحات التي يفضي إليها الجامع، وتأهيل المعلم وتجهيزاته لمراعاة المعايير المتعلقة بذوي الاحتياجات الخصوصية، فضلا عن إحياء المعلم التاريخي ومحيطه المباشر، وذلك بإعداد تصور سينوغرافي مناسب (إضاءة و انارة فنية، و لافتات توجيهية و تهيئة مسلك للزيارة إلخ…) و تصميم أشكال التقديم والتعريف من أجل عرض و تثمين كنوز الجامع الكبير(خشب مزوق و مزخرف و ثريات عتيقة و نقوش والمحراب والمنبر القديمين) حيث تكون جميعها كفيلة بأن تجعل من المعلم التاريخي ومحيطه المباشر قطبا ذا إشعاع و جاذبية في بعديه الروحاني و التراثي.

 


 

شارك:

سبر أراء

ما هي أنواع البرامج التي تفضلونها أكثر؟

عدد الأصوات : 284

إشترك الأن

تونس

24° - 28°
الخميس31°
الجمعة29°
السبت30°
الأحد32°
الاثنين32°
الثلاثاء32°
يحدث في تونس
AUTOUR DE MIDI
تونس اليوم
زوم اليوم
عطلة آمنة
بلاي ليست - صيف 2025
الإذاعة الثقافية

الإذاعة الثقافية

ON AIR
يحدث في تونس
AUTOUR DE MIDI
تونس اليوم
زوم اليوم
عطلة آمنة
بلاي ليست - صيف 2025