"برّاني": عرض تونسي إيطالي مشترك حول الهوية والاغتراب

في عمل فني مشترك راوح بين المسرح والموسيقى والكوريغرافيا، قدّم الثنائي ربيع إبراهيم من تونس وآنا سيرلانغا من إيطاليا عرض "برّاني" (Barrani)، مساء السبت 30 أوت بقصر المسرح في ساحة الحلفاوين بمدينة تونس العتيقة. وقد جاء العرض لوحة فنية تمحورت حول ثيمات الغربة والهجرة والبحث عن الذات.
ويفيد مصطلح "برّاني" في اللهجة التونسية "الأجنبي" أو "الوافد من الخارج". ومن هذا المعنى انطلقت فكرة العرض لتصوير تجربة المهاجر الذي يغادر وطنه على أمل بناء حياة جديدة، لكنه يجد نفسه عالقا بين مكانين: وطن لم يعد يحتضنه بالكامل وبلد استقبال لا يشعر فيه بانتماء كامل، فكانت شخصية متشظية داخليا وخارجيا تبحث عن وجودها وكينونتها في "المابين" أي ما بين مكانين أو بلدين.
وقد عبّر العمل من خلال الحركات الكوريغرافيا والنص عن صراع داخلي بين الحنين إلى الماضي ورغبة التشبث بالمستقبل. وجاءت كل حركة جسدية محمّلة بدلالات نفسية فيما عزّزت الموسيقى هذا البعد الدرامي التراجيدي، وهو ما أوجد فضاء صوتيا يعكس الاضطراب والسكينة في آن واحد.
وطرح العرض بجرأة على مدى 45 دقيقة سؤال الانتماء، مسلطا الضوء على حالة "الغياب المزدوج" والاغتراب الذي يجعل الإنسان غريبا عن المكان الذي غادره وغريبا أيضا عن المكان الذي وصل إليه. وقد تُرجمت هذه الفكرة فنيا في التنقل بين لحظات حنين وانكسار وأخرى مشبعة بالأمل والمقاومة.