العرض الأول لمسرحية "سيدة كركوان" في الدورة 59 من مهرجان الحمامات الدولي يوم 28 جويلية

سيكون عشاق المسرح والتاريخ القديم، يوم 28 جويلية الجاري، على موعد مع العرض الأول للمسرحية التونسية "سيدة كركوان"، ضمن الدورة 59 لمهرجان الحمامات الدولي (11 جويلية - 13 أوت 2025).
ومسرحية "سيدة كركوان" عمل درامي استعراضي ضخم، من إخراج الثنائي وجدي القايدي وحسام الساحلي، يستلهم أحداثه من صفحات التاريخ العريق لقرطاج، مجسّدا بأسلوب فني معاصر لحظة تاريخية مفصلية من الحرب البونيقية الأولى.
تدور أحداث المسرحية في عام 256 قبل الميلاد، أثناء الحملة العسكرية التي شنّها القنصلان الرومانيان "لوسيوس مانليوس فولسو لونغوس" و"ماركوس أتيليوس ريغولوس" على مدينة كركوان إحدى أبرز الحواضر الفينيقية البونية في الوطن القبلي أنذلك (تقع في معتمدية حمام الغزاز من ولاية نابل).
وتحضر "السيدة" بطلة العرض كرمزٍ أسطوري مستلهم من موقع أثري حقيقي لم تمسّه يد البناء منذ دمره الرومان، فبقي شاهدا محفوظا كما كان، مسجلا على لائحة التراث العالمي لليونسكو.
وتتميز مسرحية "سيدة كركوان"، حسب المخرج حسام الساحلي، بكونها تجربة بصرية وسمعية جامعة للفنون المسرحية والكوريغرافية والغنائية، تتقاطع فيها الأزياء الفينيقية المستندة إلى مراجع أيقونية مع استعمال اللغة الفينيقية الأصلية في الحوار والغناء، وهو ما يضفي على العرض بعدا تاريخيا نادرا في المسرح التونسي.
وتستند حبكة العرض إلى بحث علمي عميق، أشرف عليه كلّ من الدكتورة خولة بن نور والدكتورة شادية الطرودي وأمين خماسي، وهم مختصون في التراث بوزارة الشؤون الثقافية. أما الأداء فقد شارك فيه أكثر من أربعين ممثلا وراقصا ومغنيا من ولاية نابل، منهم بالخصوص مريم العريّض في دور "سيدة كركوان"، إلى جانب منتصر بزّاز وعزيز بوسلام ونور عوينات وعز بن طالب وآخرين.
و قال المخرج حسام الساحلي إن فكرة العرض كانت انطلقت كمشهدية قصيرة من 25 دقيقة في إطار افتتاح شهر التراث يوم 18 أفريل الماضي، ثم تطوّرت لاحقا إلى عمل مسرحي متكامل يجمع بين الأداء الدرامي والغنائي والرقص، ويحكي قصة حب مستحيلة بين شخصيتين تنتميان إلى طبقتين أرستقراطيتين متنازعتين كرمز للصراع الطبقي والاجتماعي في تلك الحقبة.
وأضاف الساحلي "استلهمنا شخصية السيدة من تابوت حقيقي محفوظ منذ سبعينات القرن الماضي اكتُشف في مدينة كركوان الأثرية، وكأن الزمن لم يمسّه. مما منحنا فرصة استلهام هذه الشخصية لنجعل منها صوتا دراميا يروي التاريخ ويجسّد المرأة التونسية عبر العصور".
واعتبر أنّ "سيدة كركوان" تمثّل مغامرة إنتاجية ضخمة من حيث الكلفة التقنية والبشرية، حيث شارك في صناعتها العشرات من التقنيين والفنانين. وتمّ تقديم النص بلغات عديدة تشمل الفينيقية واللاتينية مع ترجمة صوتية عربية وإنقليزية تُرافق العرض.
وحول مستقبل المسرحية، عبّر الساحلي عن أمله في تنظيم جولة وطنية في عدد من المواقع الأثرية التونسية بالتعاون مع وزارتي الشؤون الثقافية والسياحة والصناعات التقليدية، مشيرا إلى وجود نوايا لتنظيم عروض خارج تونس، باعتبار أن العمل يعبّر عن الهوية التونسية من منظور حضاري راق، قائلا "لسنا أقل من أي بلد آخر، فتاريخنا ثري ويستحق أن يُقدّم بهذه الطريقة الفنية لا أن يبقى حبيس كتب التاريخ".
يُذكر أن هذا العرض جاء بدعم من وزارة الشؤون الثقافية ومهرجان الحمامات الدولي، الذي ساهم، كما قال المخرج، في تبنّي المشروع كجزء من الإنتاج، نظرا لأهميته الثقافية ورسالته الفنية.