البث الحي

الاخبار : الاخبار

mmmmo

مسرحية مولد النسيان : عندما يتمرد الانسان على العالم الارضي بحثا عن الخلود

قدم المخرج المسرحي معز العاشوري، عمله الجديد « مولد النسيان » مساء  الأربعاء بقاعة الفن الرابع بالعاصمة، عن نص للأديب الراحل محمود المسعدي وهو عمل من إنتاج شركة « بروفا للإنتاج » وقد حظي بدعم من صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي و الفني بوزارة الشؤون الثقافية.
ويؤدّي أدوار المسرحية كل من كمال علاوي وانتصار بن جدّو وهاجر بن عمار وآمنة حجوني وشيماء العوني ورضوان شلباوي وإيمان محفوظي ونرمين حناشي، إلى جانب مشاركة العاشوري على الركح بعد أن قام بإعادة كتابة للنص الأصلي « مولد النسيان ».

المسرحية تنطلق بنهوض « مدين » صارخا من كابوس مرعب وتنهض معه زوجته « ليلى » مرتعشة من شدّة الصراخ، فتعبّر عن شدّة قلقها وألمها من حياتها المضطربة معه وتطلب الخروج من البلاد. ويُسمع للأرض، بما هي المكان الطبيعي للإنسان، هيجان عناصرها كالريح، فيزيد ذلك من اضطراب ليلى وارتياح مدين الذي يستحضر في ذاكرته حبيبته الأولى أسماء ويتساءل عن موتها، وهو سؤال وجودي يتعلّق بمصير الإنسان بعد موته.
وفي هذا العمل حاول المخرج توثيق السيرة ذاتية للبطلين مدين وليلى، من خلال المراوحة بين الماضي والحاضر، الماضي انطلاقا من تجربة الزوجين من الحياة إلى الموت في الغاب والكهف، والحاضر المتمثّل في تجربة عالم النسيان والخلود.
ينتقل معز العاشوري ببطل « مولد النسيان » مدين بين ثلاثة عوالم مختلفة بحثا عن الخلود، متحدّيا قانون الطبيعة لتجاوز حدود الإنسانية والالتحام بالذات الإلهية، فكان هذا الانتقال على درجات تراوحت بين الغاب (الطبيعة) فالكهف لما يمثله من عزلة ووحدانية (القبر) ثم الكون الغريب، فيعيش في هذه الرحلة الوجودية أهوالا تثير في نفسه الخوف والألم والذكرى والجنون. يشتدّ الصراع بينه وبين الذات من ناحية وبينه وبين كائنات غريبة من ناحية أخرى تنتهي بفشله في تحقيق معنى الوجود الذي ارتحل من أجله.
يشدّ مدين رحاله إلى العالم الآخر انطلاقا من قتل الجسد وتحرير الذات، وقد كان لا بدّ من تحنيط جسده الحيّ وتخليده كـ « مومياء »، وهو ما تجلّى بقوة في مشهد المخبر الصيدلي، حيث يعمل البطل على صنع دواء لتحنيط جسمه. كما لم يخل العمل من طابع روحي أبرزه المخرج من خلال الحركات الصوفية الراقصة.
وحاول أبطال مسرحية « مولد النسيان » التمرّد على العالم الواقعي حيث مشاهد القتل والعنف وتفشي مظاهر الرشوة والمحسوبية، وقد جسّدها المخرج في شخصية مدين الذي استعان بوساطة « برنجهاد » للانتقال بين عوالم المسرحية الثلاث ولم يعوّل على نفسه فحسب.
كما استعرضت المسرحية قضايا الانحلال الأخلاقي وانهيار القيم الاجتماعية وغياب الحوار وتشتت العلاقات بين الناس، فضلا عن القضايا الإنسانية الكبرى كالعدالة والحرية. ويتساءل المخرج في هذا العمل إن كانت العزلة الاجتماعية هي مخرج من « نجاسة » هذا العالم.
واعتبر عدد من الملاحظين الذين شاهدوا هذا العمل مساء الأربعاء، أن المخرج تجرّأ على اختيار نص « مولد النسيان » للأديب الوجودي محمود المسعدي، ليعبّر عن مجموعة من القضايا الإنسانية والكونية. ولئن كانت بعض المشاهد والتفاصيل في المسرحية واضحة للمشاهد بفضل تقنيات الإضاءة وبقية المتممات الركحية، فإن لعب الممثل بدا دون المأمول نظرا، ربما، لما يحمله النص من لغة شاعرية وروحانيّة ومن إشارات ومعاني طقوسية، تتطلّب مزيدا من العمل على الحركات الجسدية للممثل، لتغدو أكثر إحساسا وصدقا في الأداء.

وات

بقية الأخبار

الميثاق-التحريري

مشروع إصلاح الإذاعة التونسية

مدونة-سلوك

الميثاق

تابعونا على الفيسبوك

فيديو