البث الحي

الاخبار : الاخبار

bebe_16

مسرحية « ثورة الرضع » التي تنبّأت بالكارثة قبل حصولها

« ثورة الرضع » عمل مسرحي جديد من إنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين وهي مسرحية هزلية ساخرة، غاب عنها النص وحضرت فيها الحركة ولغة الإشارات والإيماءات وتعابير الوجه بشكل مبالغ فيه، وهذا الأسلوب التعبيري يصنّف في الفن الرابع بـ « المسرح الصامت »، كما يُعرف أيضا بـ « الميم » أو « البانتوميم » وهو مصطلح إغريقي.
تدور أحداث « ثورة الرضع » حول طبيبيْن جراحيْن في مهمة استعجالية للقيام بعملية قيصرية لامرأة حامل داهمها المخاض، لكن في كلّ مرّة تعترض طريقهما بعض المطبّات كنزول الأمطار والغرق في الوحل والاختناق المروري، الأمر الذي أخر وصولهما للمستشفى. وبحلولهما في قاعة العمليات يعبثان بجسد المرأة إلى حين الانتهاء من العملية، فيفاجئان الجمهور بإخراج مجموعة كبيرة من الرضّع يشنون ثورة عليهما احتجاجا على سوء معاملة الأم.
وتمّ تقديم العرض الأول للمسرحية، مساء الجمعة بمسرح المبدعين الشبان بمدينة الثقافة وذلك بمناسبة استضافة ولاية مدنين ضمن تظاهرة أيام الجهات في مدينة الثقافة. وأدى الأدوار في هذا العمل الثنائي ضو حمزة خلف الله وحمزة بن عون، إذ ظهرا على الركح في هيئة مهرّجيْن، مما أوحى للحاضرين أن العمل سيكون هزليا ساخرا في ظاهره، لكنه تراجيدي مأساوي في مضمونه.
واعتمد الممثلان على الإشارات والإيماءات في اللعب الدرامي، فعبّرا سيميائيا عن مجموعة من القضايا المختلفة أهمها تدهور الوضع الصحي في المستشفيات العمومية و »الاستهتار » بصحة المواطنين.
ولم يغفل المخرج خالد اللملومي عن الإشارة إلى قضايا الفساد والمحسوبية والولاءات والتكالب على المناصب، وهو مشهد أبرزه في بداية المسرحية التي استهلّت بمشهد المشاجرة بين الطبيبيْن حول تقلّد وظيفة الرئيس والمرؤوس في العمل. أما غياب المسؤولية والتنصّل منها عند حدوث الكارثة، فترجمها المشهد النهائي للعرض حين فرّ الطبيبان، وفي ذلك دلالة على التنصّل من المسؤولية وغياب المحاسبة.
لكنّ المخرج انتصر للرضع الأبرياء، فبعث فيهم الحياة من جديد ليثوروا على الطاقم الطبي وطالبوا بحقّهم في الحياة والتعامل الإنساني معهم ومع والدتهم التي تمّ العبث بجسدها دون أدنى حسّ إنساني تجاهها، وكأنما في جسد الأم إشارة إلى الوطن ومعنى ذلك العبث بالوطن وغياب الشعور بالانتماء إليه.
ولم يكن اختيار الأسلوب الهزلي الساخر اعتباطيا في « ثورة الرضع »، بل كان موظفا بإحكام ويحاكي الواقع اليومي التونسي، فالمواطن التونسي عادة ما يلتجئ إلى السخرية للتعبير عن هكذا قضايا ومآس لا سيّما في المجال الافتراضي. أما الموسيقى فقد راوحت بين الإيقاعات البطيئة والسريعة، وذلك للتعبير عن الفوضى والتشتت عندما يكون الإيقاع سريعا، وعن الحزن لما يكون الإيقاع بطيئا.
« هذا العمل هو سابق لمأساة وفاة 12 رضيعا بمستشفى وسيلة بورقيبة بالرابطة خلال شهر مارس الماضي »، هكذا استهلّ مخرج مسرحية « ثورة الرضع » خالد اللملومي حديثه مع « وات »، نافيا أن تكون حادثة الرضع منطلقا لعمله، أو هزّت كيانه، وتساءل قائلا « ماذا عساي أتوقّع غير كارثة كهذه حتى تتحرّك الدولة ويتحرّك الرأي العام؟ ».

وات

بقية الأخبار

الميثاق-التحريري

مشروع إصلاح الإذاعة التونسية

مدونة-سلوك

الميثاق

تابعونا على الفيسبوك

فيديو