البث الحي

الاخبار : أدب و إصدارات

سعدية

صدور رُواية « يحدث أنْ نَخْتار » للدكتورة سعديّة بن سالم

عن دار ديار للنشر والتوزيع في تونس صدرت رواية « يَحدث أن نَختار » للروائية التونسية الدكتورة « سَعْدِيّة بن سالِم »، بِغلاف للفنّان السوري رامي شَعبو.
و تتضمن الرواية  أربعة وأربعينَ فصلاً في 316صفحة ، ومن أجواء الرواية نقتطف هذا المقطع :
 » حين علا صوته يدعوني وثبتُ من مكاني كأنّي أنتظره، هل استغرب سرعة استجابتي؟ في كلّ الأحوال لم أر ملامحه حين التحقت به إلى غرفة الجلوس، كان يوليني ظهره ينفض الغبار عن طاولة صغيرة، أشار بيده دون أن يلتفت إليّ، سمعته يقول بصوت جاف، اجلسي.
سَطلٌ من مكعبات الثلج اندلق فوق رأسي فجأة، جلست صاغرة متوجّسة، طفلةً بدون حماية، حين التفت إليّ اخترقتني نظرته الجليديّة… لم أستطع أن أنظر إليه، أطلق صوته الرصاصة الأخيرة:
- ثمّ ماذا؟ إلى متى تعتقدين أنّه يمكنك البقاء على هذه الحال؟ إلى متى ستختبئين هنا؟
لم أجد صوتا لأجيبه وفي الحقيقة ليس لي ما أقول، فواصل:
- لن أوفّر لك مخبأ لتهجري الدّرس، نعلم أنّ أحداث الشّهرين الأخيرين كانتا شديدتين عليك.. ولكنها ليست نهاية العالم، ولا يمكن أن نوقف الحياة لأجلها. لا أحد سيحتملك إلى ما لا نهاية إن كنت لا تحتملين نفسك.
غمرني شعور بالمذلّة والهوان جعل دموعي تنساب رغما عنّي لأفاجأ به يشدّني من ذراعي بعنف صارخا:
- لا أريد دموعا، هذه الأسلحة منتهية الصلاحيّة لاستدرار العطف لا أريدها.
ثمّ دفعني تجاه غرفة الاستحمام آمرا:
- اذهبي واغسلي وجهك، سأوصلك إلى المبيت.
وتزاحمت في ذهني المشاهد والأفكار، المبيت؟ وماذا لو لمحني أحد معارفي من أريافنا البعيدة تلك؟ ماذا سيقول وقد بلغهم موتي؟ هل سيضعون والدي في السّجن؟ أيّ فضيحة ستلحق بعائلتي؟ لا أريد العودة إلى المبيت. واستعر فيّ غضب مفاجئ:
- لن أذهب إلى المبيت، ولن تذهب معي إلى أيّ مكان. سأذهب وحدي حيث أريد..
دخلت إلى الغرفة لتغيير ملابسي. « من يعتقد نفسه؟ معه حقّ ليهينني ويصرخ في وجهي، فأنا في بيته منذ مدّة، أحتلّ غرفته وأقتات من مائدته دون وجه حقّ، ما الذي يجبره على استضافتي في الوقت الذي قتلني شقيقي وأقام لي قبرا؟ الشارع يسع الجميع… »
غيّرت ملابسي على عجل، تركت تلك البدلة التي أمدّتني بها « وردة » ذات دخول إلى الشقّة بدا لي بعيدا في زمانه.. تحرّكت إلى الباب في اندفاع لا ألوي على شيء، اعترض سبيلي يحول دوني والخروج، حاولت تخطّيه فدفع بجسده يسدّ سبيل الهرب، كان أكثر هدوءاً وأقلّ حدّة، نهرته:
- ثمّ ماذا؟ أريد أن أخرج.
- إن أردت الخروج فسيكون معي أو عليك انتظار « وردة »، إنّها على وشك الوصول.
- لا حاجة لي بأحد… يمكنني أن أعتني بنفسي.
زمّ شفتيه مستهزئا:
- كفاك صبيانية واجلسي… لن أتحمّل غضب « يحيى » لأجل عينيك..
وحين رأى تردّدها واصل: « هل نسيت إنّك الآن ابنة « يحيى »، إن أضعتك سيقتلني.. أنت بعد لا تعرفين والدك « الجديد » وقد لا تعرفينه أبدا… »
هل يسخر منها؟ هل التقطت شيئا من مرح في صوته؟ ليست متأكّدة وسمعت نفسها تقول بحدّة:
- ليس لي من والد غير ذلك السّاكن بين تلافيف الجبل هناك..
- قولي هذا ليحيى.. ثمّ أنت لم تمانعي إجراءات أبوّته لك.
شعرتُ بانكسار مفاجئ وثِقَلٍ حَطّ على قلبي يعتصره، وكأنّه شعر بانكساري وعلى نحو مفاجئ جذبني بين ذراعيه مُواسياً، وتناهى إليّ صوته يتمتم بما يشبه « آسف… لم أقصد إغضابك أو إهانتك… لكنّك عنيدة… وهذا لا يلائمني ».
لم أكن أتبيّن كلماته، طغى وجيب قلبي يصمّ أذنيّ وشعرت بنفسي ينقطع على حين غرّة، وحين أبعدني قليلا لينظر في وجهي غزاني فراغ موحش ولم أستطع النظر في عينيه، وتوهّج وجهي وأنا أسمع صوت « وردة » يتساءل في مرح:
- هل قاطعت شيئا؟.. ».

بقية الأخبار

الميثاق-التحريري

مشروع إصلاح الإذاعة التونسية

مدونة-سلوك

الميثاق

تابعونا على الفيسبوك

فيديو