البث الحي

الاخبار : الاخبار

liv

شعراء مترجمون : ترجمة الشعر تقتضي شاعرا مترجما أو محبّا للشعر وقارئا مثاليّا له

ترجمة الشعر ضرورة إنسانية للتقريب بين الشعوب والمساهمة في التفاعل الثقافي والحضاري، لكنّ الترجمة تقتضي شاعرا مترجما أو محبّا للشعر وقارئا مثاليّا له، ذلك ما أجمع عليه ثلة من الشعراء المترجمين، في منبر حواري بعنوان « شعراء مترجمون »، احتضنه معهد تونس للترجمة يوم الخميس، ضمن فعاليات الدورة الثانية لأيام قرطاج الشعرية.
استهلّ الشاعر مبروك المناعي الذي أدار هذا المنبر الحواري، بسؤال « هل يُترجم الشعر؟ »، ثم استحضر مقولة الجاحظ في هذا السياق « والشعر لا يُستطاع أن يترجَم، ولا يجوز عليه النقل، ومتى حوِّل تقطَّع نظمُه وبطلَ وزنُه، وذهب حسنُه وسقطَ موضعُ التعجب، لا كالكلامِ المنثور، والكلامُ المنثور المبتدأُ على ذلك أحسنُ وأوقعُ من المنثور الذي تحوّل من موزون الشعر ».
ودحض مبروك المناعي مقولة الجاحظ، مبيّنا أن حاجة البشر لأن يعرف بعضهم البعض وأن يتبادل ثقافة بعضهم البعض، تستدعي ترجمة الشعر، مؤكّدا أن أقدر الناس على ترجمة الشعر هم الشعراء الذين لهم معرفة جيّدة باللغتيْن. واعتبر أن الشعر يحتاج إلى « ترجمان لا إلى مترجم ».
وتحدّثت الشاعرة والمترجمة رجاء الشابي عن علاقتها بترجمة الشعر، مبرزة أنها بدأت ترجمة الشعر في سن الخامسة عشرة، واستهلّتها بقصيدة « قارئة الفنجان » لنزار قباني التي غناها عبد الحليم حافظ. وأضافت أنها ترجمت للشاعر الراحل محمد الصغير أولاد أحمد، قائلة « عندما أُترجم، فأنا أتقمّص إحساس الشاعر وأكتب القصيدة بلغة أخرى، أي أنني أتملّكها قبل ترجمتها ». وأشارت إلى أهمية إحساس الشاعر المترجم بالقصية الأصلية، حتى يتمكّن من إيصال المشاعر والأحاسيس في القصيدة الأصلية.
وشبّه الشاعر صلاح الدين بن عيّاد المترجم بـ « خيول العمل » التي تربط بين الحضارات، وانتقد من يعتبرون الترجمة خيانة إذا لم تكن وفية وملتزمة بالنص الأصلي، قائلا « الخيانة الحقيقية هي ألا نترجم وليست أن نترجم ». واعتبر أن ترجمة العرب للشعر بلغات أخرى تعدّ محتشمة رغم أنها عمل ضروري لمواكبة التطوّر البشري.
ووصف الشاعر آدم فتحي المترجم بـ « العبّار » الذي يعبر بالشعر من ضفة إلى أخرى، مشدّدا على أن الشاعر المترجم هو جزء من العملية الشعرية، داعيا إلى « اختراق جدار الخيانة ». وقال إن الشاعر المترجم لا ينقل نصّا إلى لغة أخرى بل يُعيد كتابته باللغة الأخرى.
يُشبّه آدم فتحي ترجمة الشعر بـ « الوليمة »، وبقول في هذا السياق « الترجمة هي وليمة، فعندما نحدّث آخرين بطعم طبق لذيذ، نتيح لهم تذوقه بألسننا »، مضيفا « الترجمة هي أن نعيد بناء طبق وليس لدينا المكونات نفسها، بمعنى أدق : الترجمة هي إعادة كتابة بلمسة خاصة للشاعر المترجم ». ولفت إلى أن الترجمة في جزء منها هي عملية كتابة وإبداع.
وشدّد الشاعر جمال الجلاصي على أن ترجمة الشعر ينبغي أن تتم من قبل شاعر يستطيع النفاذ إلى ذات الشاعر الأصلي، ومن ثمة إدخاله إلى اللغة والحضارة والمناخ في الثقافة الأخرى. واعتبر أن الشعر في لغته الأصلية هو محاولة ترجمة لمجموعة من القيم والأذواق لغويا، أما الكتابة بلغة ثانية فهي محاولة جديدة لترجمة النص الشعري. وانتقد ما أسماها بـ « تضخم الأنا » العربي التي تحتكر فن الشعر وتعتبر ترجمته خيانة للنص الأصلي، مشيرا إلى أن الشعراء والنقاد الغربيين يتبنون الموقف نفسه في بدايات القرن العشرين.
ترجمة الشعر بما هي إعادة كتابة له بلغة أخرى، موقف يتبناه أيضا الشاعر المترجم رضا مامي، المختص في اللغة الإسبانية، إذ أكد أن المترجم إذا التزم بالنص الشعري الأصلي، فإنه يستحيل ترجمته، مفسّرا ذلك بعدّة عوامل أهمها أن تركيبة النص الشعري تختلف من لغة إلى أخرى كالقافية والتفعيلة وكذلك الطاقة الإيحائية التي تملكها لغة على حساب لغة أخرى.
وبيّن ان الترجمة المثالية تقتضي أن يكون المترجم على علاقة بالشعر وأن يكون محبا للشعر وقارئا جيّدا لهذا الفن، لافتا إلى أن شاعرية المترجم هي الضامن الوحيد للغوص في الرموز والدلالات المضمنة في الأبيات الشعرية.
ويعتقد رضا مامي أن هناك ثلاثة أنواع للنصوص الشعرية: الأول نص شعري يخسر القليل عندما ينتقل من لغة إلى أخرى، والنوع الثاني هو نص شعري يخسر الكثير إذا تُرجم، مستدلا على ذلك بأشعار المتنبي. أما النوع الثالث فهو نصوص شعرية قابلة للترجمة وتصبح لا روح .

وات

بقية الأخبار

الميثاق-التحريري

مشروع إصلاح الإذاعة التونسية

مدونة-سلوك

الميثاق

تابعونا على الفيسبوك

فيديو