اعتبر الفنان الكاريكاتوري توفيق عمران أن فن الكاريكاتور في تونس عرف انتعاشة كبرى مع ثمانينات القرن الماضي، وقد تزامن مع بروز صحف المعارضة في تلك الفترة على غرار « الرأي » و »الوحدة » و »المستقبل » إلى جانب صحيفة « لوفاس » الناطقة بالفرنسية.
وأبرز توفيق عمران، في لقاء انتظم يوم السبت بالعاصمة على هامش تنظيم الدورة الرابعة لمعرض مدينة تونس للكتاب، وأداره الكاتب كمال الرياحي، أن فترة هذه الانتعاشة للكاريكاتور السياسي بالأساس، تراجعت تدريجيا في نهاية الثمانينات إلى أن تم تجفيف منابعها كليا إلى غاية 14 جانفي، وذلك بعد تجفيف منابع الإعلام الحر، مما دفعه إلى الانسحاب من المشهد الكاريكاتوري وتغيير مهنته إلى مصمم للإشهار بعد أن رفضت عديد الصحف تشغيله.
وبيّن أن الإشكال يظل قائما في نشر الرسم الكاريكاتوري بعد الثورة، رغم توفر مساحة شاسعة من الحريات، لاعتقاده أن « المؤسسات الإعلامية غير مقتنعة بالرسم الكاريكاتوري كوظيفة مهنية قارة شأنها شأن الصحفي »، على غرار ماهو معمول به في عديد الدول التي يكون فيها الرسام الكاريكاتوري جزءًا من الطاقم العامل بالمؤسسة له حقوق مهنية واجتماعية.
وشدّد على أن الموهبة شرط أساسي في الرسم الكاريكاتوري، كما يتعيّن على الرسام الإلمام بالوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، حتى يتمكّن من مواكبة الأحداث الآنية ويقدّم قراءة ساخرة في ظاهرها للوضع لكنها تحمل رسائل في مضمونها.
ويعتقد توفيق عمران أن الحيادية والاستقلالية ليست من سمات الرسام الكاريكاتوري، ذلك لأنه يدحض موقفا معيّنا أو يدعمه، معتبرا أن « الكاريكاتوري يكون أكثر إبداعا في الصحف المعارضة لنقده سياسات الحكومة، وخاصة تلك الرسومات التي عادة ما تكون مصحوبة بكتابات باللهجة التونسية ».
عودة توفيق عمران إلى المشهد الكاريكاتوري في تونس، كانت في شهر فيفري 2011، حيث شارك في معرض للصورة الكاريكاتورية بعشرة لوحات، قال إنه أنجزها خلال أسبوع. أما آخر رسم كاريكاتوري له فقد كان في أفريل سنة 2016.
ويستعيد الرسام في حديثه عن تجربته في هذا المجال، التهديدات بالقتل التي تلقاها من العناصر التكفيرية، نافيا أن تكون سببا في توقفه عن هذا العمل. وأضاف أن فن الكاريكاتور له أخلاقيات لا بدّ أن تتوفر كغيره من المهن، مثل تجنب إهانة الأقليات والتمييز العنصري والمساس بمقدسات الشعوب.

وات