ظلت علاقة المثقف بالسلطة علاقة ملتبسة بالمفهوم التاريخي والحضاري والأدبي وطالما مثلت اشكالا مفهوميا يفتح على اكثر من رؤية وتمثل ،هذه الاشكالية طرحها النادي الثقافي برادس وجمعية تنمية اللغة العربية وحمايتها خلال ندوة انتظمت للغرض يوم الأحد بفضاء بئر الطراز تكريما لرابطة الكتاب الاحرار في شخص الاستاذين جلول عزونة ومحمد الجابلي.
واعتبر محمد الجابلي ، ان الثورة التونسية عندما انتقلت من مسرح الشارع إلى المسرح السياسي فقدت الكثير من ممكناتها ومن القها قائلا « ان تحرر الفعل الثقافي ظل نسبيا رغم كسر سلطة رقابة الحاكم فالرقابة الذاتية بقيت تفعل فعلها وسط قلة الإنتاج وانحسار مساراته
والمثقف في نظر الجابلي لا يمكن أن يكون أبدا في ركاب السلطة لانها غالبا ما تبحث عن الآني وتنحو إلى تكييف كل شيء بما يلائم مقوماتها في حين يسعى المثقف الى معانقة المطلق والتاسيس للكليات
وفي تفكيك هذه العلاقة الملتبسة ، اوضح الجابلي ان التاريخ العربي الإسلامي في مراحله المختلفة ظل شاهدا على تواطؤ نخب السلطة في تزييف الوعي وفي المداهنة الفكرية وخدمة مآرب الحاكم على حساب مطلب الحقيقة
اما جلول عزونة فقد عرض من ناحيته مسار تشكل رابطة الكتاب التونسيين الأحرار والتي ولدت كوردة فعل طبيعية بعد سيطرة السلطة على اتحاد الكتاب التونسيبن و تصحيحا لمساره الذي تحول الى واجهة للمناشدة وهيكلا بلا وظيفة وفق تعبيره.
وتطرق عزونة إلى إسهامات الرابطة في تبيان أزمة الثقافة والمثقف في تونس والى تعداد أساليب الالجام والتعدي على أصوات الفكر الحر و طرق السلطة الحاكمة آنذاك في التضييق والحصار والمنع لكل اصدار يخرج عن حدود دائرتها الضيقة.
الندوة كانت كذلك منبرا لتطارح الافكار حول وضعية المثقف بعد الثورة وممكنات بناء خطاب ثقافي وطني يستثمر في إمكانيات اللحظة ويدفع إلى إنتاج محتوى إبداعي متعدد ومؤثر.
