البث الحي

الاخبار : سينما

31941321-v2_xlarge

عرض الفيلم العراقي « يارا » ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة لأيام قرطاج السينمائية

رغم تزامن عرض الشريط العراقي « يارا » في أيام قرطاج السينمائية مع عرضه في هوليود في اليوم نفسه، فإن المخرج الفاضل عباس اختار وجهة قرطاج ليعبر عن حبه لتونس ووفائه لهذه التظاهرة العريقة التي يسجل فيها مشاركته الرابعة.

والشريط الروائي الطويل « يارا » هو العمل السينمائي الخامس للفاضل عباس، وتم عرضه الليلة الماضية بقاعة الكوليزي بالعاصمة، ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة.

يتتبع الفيلم في 100 دقيقة فتاة مراهقة تعيش في قرية مهجورة كائنة بمنطقة جبلية، حيث المناظر الطبيعة الخلابة وخرير المياه العذبة وأصوات الحيوانات الأليفة كنباح الكلب أو مواء القطط وصياح الديكة. في هذا المكان البديع الهادئ، تعيش « يارا » رفقة جدتها. ويأتي زائر شاب تتعلق به الفتاة وتجمعها به قصة حب انتهت بهجر الشاب لها وعودته إلى أستراليا حيث يقطن أهله.

بدا نسق الأحداث رتيبا نتيجة التكرار المتعمد من قبل المخرج للمشاهد والوضعيات، فالأحداث نفسها تتكرر بشكل يومي: تستيقظ يارا من نومها فتعدّ الشاي وتغسل الثياب وتقدم العلف للمواشي. أما المشاهد فهي تتكرر في تصوير الحيوانات والجبل والوادي من زوايا مختلفة. ورغم روتينية الأحداث نجح المخرج نسبيا في شد المتفرج ليتابع الفيلم حتى النهاية، وذلك من خلال اللقطات الفيلمية للعناصر الطبيعية المكونة للمكان من ناحية، وكذلك من خلال إدخال شخصية جديدة (إلياس) حركت مجرى الأحداث في الفيلم، وكشفت عن حقائق غير معلنة في بداية الفيلم كموت عدد من أهل القرية وهجرة سكانها مما جعل بيوتها رمزا للخراب والحزن والسكون والشعور بالعزلة.

وكان للشخصية الوافدة على المكان دور في وقوف يارا على أطلال القرية والهروب زمن الحاضر، مقابل استحضار زمن الماضي عن طريق الصور والذكريات. لكن استعادة يارا للماضي لم تدم طويلا لتبدو للمشاهد في حالة من الحزن سرعان ما يزول بدافع الحب والأمل في فيلم « يارا » مشهد رمزي غير من إيقاع الأحداث وأحدث مفاجأة غير متوقعة للمشاهدين: ففي الوقت الذي كان فيه المتفرج ينتظر نهاية سعيدة تتوج بمرافقة يارا لإلياس نحو أستراليا، بدأت العلاقة بين الحبيبين تسير نحو الانفصال والقطيعة. وهذا المشهد الرمزي الذي غير مجرى العلاقة بين العاشقين هو مشهد إلياس مستلق إلى جانب يارا وهو بصدد قضم التفاحة بما هي رمز، وفق التفسير الديني، للخطيئة التي ارتكبتها حواء وكانت سببا لوجود الإنسان على الأرض.

ولكن المخرج تمرد عن هذا السياق في الفيلم، وجعل الرجل هو مصدر الخطيئة لا المرأة. وجعل المخرج من بطلة فيلمه شخصية قوية لا تنكسر ولا تتهاوى رغم صغر سنها (مراهقة)، فيارا لم تترك القرية لترافق الشاب إلى أستراليا رغم علاقة الحب التي جمعتهما، بل اختارت المكوث في القرية المهجورة من أجل استمرار الحياة فيها.

وتماهت مشاهد الطبيعة مع تغير نسق الأحداث، وقد تجلت بقوة في مشهد الضباب الذي يكسو الجبل وهبوب الرياح التي حركت أغصان الأشجار، وذلك للدلالة على حالة الحزن والتمزق التي تعيشها يارا بعد قرار الشاب هجرها.

يلفت انتباه المشاهد في الفيلم، عفوية اللعب الدرامي للشخصيات وتلقائيته، فهي تؤدي أدوارها دون مبالغة ولا تعقيد بعيدا عما هو مألوف ومتعارف عليه في التمثيل السينمائي، بل إن المخرج أرادها عفوية انسجاما مع العناصر الطبيعية الأخرى المكونة للمكان.

ينتهي الفيلم بعودة الأمور إلى ما كانت عليه، تعود يارا إلى الاهتمام بقطيع الماعز ويعود صوت خرير المياه وتغريد الطيور وجمال الطبيعة وسحر المكان.

ينتصر المخرج في فيلمه للجمال وللحياة، ولذلك اختار أن يحافظ على استمرار الحياة في القرية من خلال شخصية الفتاة يارا، وذلك لما ترمز له المرأة من ولادة وخصب. ويحمل الفيلم مقاصد عميقة أخرى يمكن تأويلها في معالجة قضايا موصولة بوطنه الأم وهو العراق حيث مزقته الحرب والأزمات السياسية.

وكأنه أراد التأكيد على أن الحرب سحابة عابرة وأن الهدوء والأمن والاستقرار سيعود يوما إلى الوطن وستدب الحياة فيه من جديد.

وات

بقية الأخبار

الميثاق-التحريري

مشروع إصلاح الإذاعة التونسية

مدونة-سلوك

الميثاق

تابعونا على الفيسبوك

فيديو