« ببن قردان حارس الحصن » و « شهادة وشهود » اعمال فنية اثثت سهرات احتفالية مدينة بن قردان بالذكرى الثالثة لملحمتها التي دارت يوم 7 مارس وما تلاه من ايام لن تمحي من ذاكرة كل من عايشها من ابناء بن قردان رجالا ونساء وشيبا وشبابا جميعهم هبوا لإخراج فلول الاٍرهاب من بلدتهم دون عتاد فقط زادهم حبهم لوطنهم وقداسة ترابه الغالي.
فيلم « حارس الحصن » في نسخته الثانية هذه السنة أعاد الى الذاكرة مشاهد مؤثرة وقوية لمواجهات عنيفة في الحرب ضد الإرهابيين انطلقت من فجر يوم السابع من مارس 2016 الى يوم 20 مارس مركزا على تلك العمليات النوعية للوحدات الامنية والعسكرية في ملاحقتها للارهابيين ومداهمة عديد المنازل التي تحصنوا بها محققين فيها انتصارات هي شهادات نجاح وانتصار.
استطاعت نصف ساعة من العرض ان تحرك مشاعر مختلفة امتزجت فيها مشاعر الحزن على شهداء روت دماءهم الزگية ارض هذا الوطن ومشاعر الفرحة والاعتزاز بنصر مبين سيكتبه التاريخ وحفظ البلاد من ان تكون في وضع يشبه بلدان عربية منها ما لا يفصلها عن بن قردان سوى مسافات قصيرة.
كان صاحب هذا العمل المصور التلفزي فتحي الناصري وفيا لوعده فهو من قال ان ما يحمله من توثيق لملحمة مارس من صور ومشاهد وتسجيلات يكفي لانجاز اعمال كثيرة لعدة سنوات وان تكون منطلقا لاعمال اخرى حول هذه الملحمة.
اما عرض « شهادة وشهود » للمسرحي يوسف مارس فأراده ان يحيي به بن قردان ويخلد شهداءها ويمجد صناعها الذين اسسوا لمرحلة اخرى من تاريخ البلد وربما العالم فجعل من هذا العمل الملحمي الثاني له بعد عرض « ام البدايات  » في مارس 2017 استدعاء لأطياف الشهداء العطرة من زمن الخطاب الى زمن الحكاية فيبث فيهم من روحه وروح المدينة وروح النصر وروح الثورة لمدة ساعة هي زمن العرض تكريما لهم وتابينا ووقوفا على النقائص بغاية التقييم وفق يوسف.
نجح العمل الملحمي » شهادة وشهود » في الاقتراب من الواقع الاجتماعي والاقتصادي من منطلق ان الفعل المسرحي هو فعل ثوري فصور المدينة بطرقاتها الشاسعة وناطحات السحاب والمناطق السياحية واللوجستية والصناعية والنزل الفاخرة والشواطئ الجميلة والقناطر وكل الوعود التي وعدت بها الحكومات وتحققت لكنها لم تكن سوى احلام او هي سخرية فواقع المدينة لم يتغير بل اصبح واقعها مقلق ومخطر اكثر لذلك فهو يستوجب تغييرا بالعلم والمعرفة كسبيل وحيد للتغيير وسلاح الثقافة من اجل الدفع الى الامام.
برؤية نقدية كبرى وعلى المسرح السياسي اعتمد يوسف في هذا العمل فقدم الموجود واستشرف المنشود في دعوة صارخة للاهتمام ببن قردان ولرد الاعتبار الى هذه « البليدة  » االنائية الواقعة في اتجاه مطلع شمس تونس وفق يوسف مارس.