البث الحي

الاخبار : سينما

200

أيام قرطاج السينمائية : الفيلم الفلسطيني « 200 متر » مأساة عائلات فلسطينية فرّقها جدار الفصل العنصري

عندما بدأ الاحتلال الإسرائيلي في تشييد جدار الفصل العنصري سنة 2002 في الضفة الغربية، وانتهى من بنائه سنة 2006، لم يكن العالم يُدرك حجم المأساة والمعاناة التي خلّفها هذا الجدار على سكان المنطقة من الفلسطينيين.
وهذه المأساة الإنسانية، ترجمها المخرج الفلسطيني أمين نايفة في شريط سينمائي روائي طويل بعنوان « 200 متر »، وهو عمل من بطولة علي سليمان ولنا زريق وسامية البكري وغسّان عبّاس ونبيل الراعي ومعتز ملحيس وغسان الأشقر ومحمود أبو عيطة، وهو من إنتاج مشترك فلسطيني وأردني وإيطالي وسويدي.
وتمّ عرض هذا الفيلم اليوم الاثنين بمدينة الثقافة، ضمن فعاليات الدورة 31 لأيام قرطاج السينمائية. وتدور أحداثه حول زوجين فلسطينيين من قريتين يفصل بينهما جدار عازل، ولا تتعدى المسافة بينهما الـ 200 متر فقط. ويتعرض الزوجان لظروف قهرية ومصاعب إنسانية إذ يمرض ابنهما، فيحاول الأب مصطفى عبور الحاجز الأمني لعلاجه لكنه يُمنع من ذلك. وهنا، تتحول رحلة الـ 200 متر إلى مأساة تهدد حياة الابن وتكشف معاناة حقيقية على الرغم من قصر المسافة.
ولأن المخرج أمين نايفة عاش شخصيا هذه القصة بمرارتها لما كان طفلا، فإنه عزم على سردها للعالم عبر فن السينما، بعد أن استغرق حوالي 10 سنوات في كتابة الأحداث وتعرّض لعديد العراقيل أهمها تمويل الفيلم.
يُسلّط المخرج الضوء في فيلمه على المعاناة النفسية الناجمة عن جدار الفصل العنصري، فالمواطن الفلسطيني عليه أن يقطع أكثر من 200 كيلومتر للوصول إلى أقاربه الذين يفصلهم عنه جدار على بعد أمتار، وأما الرحلة فهي ليست سهلة بالنسبة لشعب يعيش تحت وطأة الاحتلال، حيث الحواجز والتفتيشات الأمنية والميز العنصري وغيره من المعاناة اليومية للفلسطينيين.
قصة الأب مصطفي في « 200 متر » هي محاكاة لقصة آلاف الأسر والعائلات الفلسطينية وصعوبة الحياة، ولكنها أيضا قصّة أخرى من قصص الصمود الفلسطيني في وجه الاحتلال وقصّة أخرى للأمل والكرامة الفلسطينية تُترجمه ابتسامة مصطفى وهو يلوّح لأفراد عائلته من الجهة الأخرى للجدار الإسمنتي.
ولم يخلُ الفيلم من التعبير عن قضايا إنسانية متصلة بالفلسطينيين الذين يرزحون تحت وطأة الفقر والبطالة. وتجسيدا للانقسام الداخلي في البيت الفلسطيني بين حركتيْ فتح وحماس، وظّف المخرج عديد الصور والمشاهد في الفيلم التي تعكس هذا الصراع على السلطة، فشخصيات هذا الفيلم كثيرا ما وقعت في مشادات كلامية وانقسامات وصراعات فكرية وصلت حدّ الشجار بينها، رغم أن معاناتها واحدة تحت وطأة محتلّ واحد، ولكنها عوض أن تتحد وتتعاون من أجل الخلاص، يتواصل الشجار بينها، وهذا الموقف تجلّى في مشاهد كثيرة من الفيلم أهمها مشهد الفتى الذي تسلّق الجدار للعبور إلى الضفة الأخرى، لكنه يسقط أرضا ويتعرّض لإصابات بليغة نتيجة « جشع » بعض الشبان الذين طلبوا منه أموالا حتى يتمكن من العبور.
وكتب الفيلم بلغة بصرية سينمائية جميلة جمعت بين المشاهد العامة للأرض والقرى الفلسطينية وبين المشاهد القريبة التي تبرز ملامح الشخصيات وتغوص في بواطنها لتكشف عن حجم الألم والمعاناة اليومية وبشاعة الاحتلال الإسرائيلي.
لقد تعرّضت السينما الفلسطينية عموما إلى وجع الفلسطينيين من الاحتلال الإسرائيلي، وإلى الثورة والمقاومة المسلحة والمقاومة المدنية وغيرها، ولكن فيلم « 200 متر » لأمين نايفة أعطى للصمود والمقاومة معاني أكثر عمقا وتعبيرا تدلّ على تشبّث الفلسطينيين بهويتهم وبأرضهم، فهذا الأب كان بإمكانه الحصول على « الجنسية الإسرائيلية » لكي ينتقل بحرية إلى الضفة الأخرى من الجدار ليلاقي زوجته وأبناءه، ولكن تشبثه بهويته قاده إلى شق مئات الكيلومترات ليصل إليهم، وهذا الموقف هو أيضا أسلوب من أساليب المقاومة والصمود.

بقية الأخبار

الميثاق-التحريري

مشروع إصلاح الإذاعة التونسية

مدونة-سلوك

الميثاق

تابعونا على الفيسبوك

فيديو