يتهافت التلاميذ والأولياء وجزء من المربين على كتب الدعم المدرسي الموازية لكتب البرامج المدرسية الرسمية، استنادا إليها من أجل تقوية التحصيل العلمي والمعرفي، في حين أنها « إصدارات تجارية » لا تخضع لأي رقابة بيداغوجية من وزارة التربية التي لا تنصح بها وتشدد دوما على أنه يجب الاكتفاء بالكتب المدرسية التي يصدرها المركز الوطني البيداغوجي دون سواها.
ونبّه خبراء في مجال التربية إلى احتواء عدد هام من كتب الدعم المدرسي على أخطاء في المناهج والمضامين، بالنظر إلى عدم خضوعها للمراقبة البيداغوجية، حاثين على تجنب اعتمادها وعدم التعويل عليها في حصص المراجعة أو التأطير لما لها من نتائج « عكسية وسلبية » محتملة على التلاميذ.
وأفاد الباحث في علوم التربية محرز الدريسي بأن استخدام كتب الدعم المدرسي الموازية أصبح « ممارسة شائعة » اليوم في تونس رغم ما يتخلل مضامين أغلبها من أخطاء منهجية وتربوية وعلمية، الى جانب عدم تطابق نوعية التمارين في أحيان كثيرة مع المستوى الدراسي، مشيرا الى أن محاذير الأثر السلبي ومكامنه تتمثل في تسرّب أخطاء بيداغوجية وفي مضامين المجال التربوي بما يتعارض مع الناحية العلمية وأخلاقيات التعليم.
وعبّر المختص عن مخاوف من زيادة الإقبال على كتب الدعم ورواج سوقها سنويا بتكثيف إصدار العشرات من العناوين لجميع المستويات الدراسية، في ظل غياب الرقابة البيداغوجية والتربوية والردع من سلطة الإشراف، قائلا إن « تسرّب أخطاء الى كتب الدعم المدرسي أكثر خطورة من ترويج مواد غذائية لا تستجيب لشروط الصحة والسلامة ».
وتابع قوله إن « بعض الكتب توحي بألفاظ تدوّن على أغلفتها الخارجية كونها حازت التأشير من مصالح وزارة التربية بينما الحقيقة خلاف ذلك »، مشددا على أن انتشار كتب الدعم المدرسي يعكس تغّلب الجانب التجاري على الجانبين التربوي والهيكلي.
واقترح أن تتولى الإدارة العامة للبرامج بوزارة التربية مراقبة دور النشر في مجال إصدار كتب الدعم المدرسي لأنها الأقدر على تملّك آليات التقييم البيداغوجي، معتبرا انه يمكن لهذه الإدارة الاضطلاع بدور رقابي بالتركيز على مدى مطابقة التمارين لمستويات التدريس وجودة المراجعة ونجاعة التحصيل التربوي.
وخلص الخبير الى أن المسؤولية تقع على عاتق الوزارة التي يرجع اليها الأمر في تشكيل لجنة من المتفقّدين والمختصين في المناحي التربوية تتولى النظر في جميع إصدارات كتب الدعم المدرسي المطروحة بالسوق ثم تقوم بالمصادقة عليها وتثبيت ما ينفع التلاميذ ورفض الإصدارات التي تنشر محتوى لا يتلاءم مع المضامين والبرامج التربوية.
وتصنّف الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ كتب الدعم المدرسي بأنها خارج المسار التربوي العادي، وفق ما صرّح به رئيس الجمعية رضا الزهروني لوكالة تونس افريقيا للأنباء، ملاحظا أن اعتماد هذه الكتب يتم اما باختيارات من الأولياء أو كذلك من المربّين الذين يتولون تقديم الدروس الخصوصية.
وحذّر من أن هذه الوضعية يترتّب عنها توسّع الفوارق بين التلاميذ خصوصا وأن الأسر محدودة أو ضعيفة الدخل لا يمكن لها توفير نفقات شراء المستلزمات والكتب الأساسية، فكيف تملك قدرة اقتناء كتب الدعم المدرسي؟.
وقال إن « الحل الأمثل لتحسين التحصيل العلمي للتلاميذ لا يمكن أن يخضع الى التعويل على كتب الدعم المدرسي أو اعتماد الدروس الخصوصية بل إلى استعادة المدرسة العمومية لدورها في المقام الأول وذلك بالتركيز على التدريس في الزمن المدرسي العادي دون سواه وبإصلاح البرامج ومناهج التدريس وطرقه المعتمدة لتكون مواكبة للاحتياجات.
واعتبر رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ أن « التوجّه نحو كتب الدعم المدرسي غير المطابقة للتراتيب يندرج ضمن سياق سلعنة التعليم وتوسيع الفوارق بين التلاميذ »، مشددا على أنه يفترض أن يتولى هيكل أو مصلحة تابعة لوزارة التربية مراقبة هذه الكتب والإشراف على كافة مراحل إعداد مضامينها وإصدارها.
وتنضاف كلفة كتب الدعم المدرسي لتثقل كاهل الأسر التونسية وتفاقم من تضرّر مقدرتها الشرائية، وفق رأي رئيس المنظمة التونسية لارشاد المستهلك لطفي الرياحي، الذي كشف أن كلفة العودة المدرسية 2024-2025 ارتفعت الى نحو 800 دينار للتلميذ الواحد حسب دراسة أنجزتها المنظمة.
واقترح المتحدث اعداد قائمة موحّدة في الشراءات للمستلزمات المدرسية لكامل الموسم الدراسي، تحتوي على الكراس المدعّم والكتب الرسمية المعتمدة والمستلزمات المصادق عليها تونسية المنشأ وغير المتأتية من مسالك التهريب والتي قد تتسبّب في اضرار صحية للمستعملين.
وقال رئيس المنظمة التونسية لارشاد المستهلك ان « كتب الدعم المدرسي مثلها مثل الدروس الخصوصية تندرج ضمن مسار كامل مواز ويخضع اقتناؤها للابتزاز واجبارية الدفع ذلك أن الأولياء يجدون أنفسهم مجبرين على شراء هذه الكتب لدعم التحصيل العلمي لأبنائهم التلاميذ في دراستهم ».
وات